تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في البيع والشراء الموقوفين وأحكامهما:

صفحة 113 - الجزء 4

  فَرْعٌ: فلو جعل الفضولي الخيار له وحده وأجاز المشترى له عقده: فإن كان المجيز عالماً بأن قد جعل الفُضولي لنفسه الخيار كان إجازة للعقد والخيار له، فيكون كجعل الخيار للأجنبي فيتبعه الجاعل، وإن لم يكن المجيز عالماً بذلك فلا حكم لجعله الخيار لنفسه، فتأمل، والله أعلم.

  مَسْألَة: (و) إذا وقعت الإجازة لعقدين مختلفين فإما أن يكونا من شخصين أو من شخص واحد: إن كانا من شخص واحد، نحو: أن يبيع مال زيد من عمرو ثم من بكر، وأجاز المالك بيعه - فإن الإجازة (تلحق آخر العقدين) وهو البيع إلى بكر؛ لأن العقد الأول قد بطل بالثاني؛ إذ الثاني يكون فسخاً للأول ولو لم يكن في وجه المشتري الأول ولا علمه بكتاب أو رسول؛ لعدم استقراره من قبل؛ لكونه موقوفاً لكل منهما فسخُه ولو في غيبة الآخر، لعله ولو كان الأول قد أعتق، فافهم، فإن أجاز المالك الأول لم يصح؛ لبطلانه بالثاني.

  فإن التبس المتقدم من العقدين فلعله يقال: يكون لمن بيّن أن عقده متأخر، فأيهما بيَّن حكم له، وإلا فلمن قبضه برضا البائع، وإن لم فلمن أقر له البائع، وإن لم قسم بينهما⁣(⁣١) ويكون لهما الخيار. وهذا منصوص عليه فيما إذا كان العاقد المالك، ولعل مثله لو كان فضوليّاً وأجاز المالك عقده، وقد قرر أنه يبطل العقدان؛ لأنه يؤدي إلى الملك بين مالكين، فيتأمل أيهما أصح على المختار.

  وإن كانا من شخصين - يعني: العقدين - فلمن أجاز المالك البيع له صح دون الآخر، ولو أجاز الأول صح ويبطل الثاني، فلو أجازهما معاً بلفظين صح المتقدم منهما بالإجازة، فإن التبس المتقدم منهما بالإجازة لعله يكون لمن بيَّن منهما بالتقدم ويحكم له به، وإلا فلمن قبضه برضا البائع، وإلا فلمن أقر له البائع، وإن لم قسم بينهما بعد التحالف والنكول، ويكون لهما جميعاً الخيار، ويتأمل في هذا، والله أعلم. فلا يقال: يبطل؛ إذ أحد العقدين صحيح بلا شك فافهم. وإن أجازهما معاً بلفظ واحد


(١) بعد التحا´لف والنكول. (من هامش شرح الأزهار ٥/ ١٤٢).