تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في البيع والشراء الموقوفين وأحكامهما:

صفحة 114 - الجزء 4

  فأيهما أقوى صح دون ذلك الآخر، كبيع العبد وعتقه على مال فيصح العتق لقوته، إلا أن يكون البيع من ذي رحم محرم [للعبد] لم يصح أيهما؛ لعدم أخصية أحدهما؛ لاستوائهما في اقتضاء العتق والعوض⁣(⁣١)، كما لو استوى العقدان لغير ذلك بأن يكونا بيعين من شخصين ويجيزهما المالك معاً بلفظ واحد لم يصح أيهما؛ إذ يؤدي إلى أن يكون الملك بين مالكين لو قلنا: يصحان جميعاً، ولا مخصص لصحة أحدهما دون الآخر، فافهم.

  مَسْألَة: من باع ماله من زيد ثم باعه من بكر فهو لزيد، فلو أجاز زيد ذلك البيع الثاني: فإن أجازه لنفسه أو مطلقاً كان البيع له، فيصح إن كان بعد قبضه لا قبله، وإن أجاز البيع ونواه للبائع: فإن كان البائع أراد بيعه من بكر عن زيد وهو المشتري الأول أو لم يرد شيئاً فهو لزيد كما مر، يعني: بعد القبض لا قبله، وإن أراد به عن نفسه انفسخ البيع الأول من زيد ولم يصح الثاني من بكر؛ لأنه قبل الفسخ ولو رضي المشتري الأول فهو يخالف الهبة؛ إذ يصح الرجوع فيها وإن لم يرضَ المتهب، فيصح البيع ويكون رجوعاً عنها وبيعًا، بخلاف هذا فهو لا يصح إلا [برضاه، وإن رضي فقد وقع البيع قبل كمال الفسخ للعقد الأول كما قلنا في بيع المؤجر: إنه لا يصح إلا]⁣(⁣٢) بإذن المستأجر⁣(⁣٣) فكذا هنا وإن خالفه هذا في عدم الصحة وإن رضي؛ لما قلنا، والله أعلم.

  فَرْعٌ: فإن التبس أي العقدين المتقدم فمن بين حكم له ولو كان الشيء المبتاع في يده؛ لأنها خارجة مطلقاً؛ لأنه قبلها ملك الغير؛ لتصادقهما، وإن لم فلمن قبضه برضا البائع، وإن لم فلمن أقر له البائع، وإن لم قسم بينهما بعد التحالف أو النكول، ولهما الخيار، وإلا فلمن حلف أو نكل صاحبه دونه.


(١) إلا أن يكون العتق معقوداً بغير مال فالبيع من ذي الرحم أولى؛ لأنه قد حصل فيه العوض مع العتق. (é) (من هامش البيان ٣/ ٧٦)، وهامش شرح الأزهار (٥/ ١٤٢).

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).

(٣) بيع المؤجر يصح وإن لم يأذن المستأجر، وأيضاً لم يتقدم هذا للمؤلف.