(فصل): في قبض المبيع وأحكام القبض:
  يقبضه منه وشرط له أجرة على حفظه له والقيام به فذلك يكون توكيلاً للبائع بقبضه، فيبرأ من ضمان المبيع(١)، ويكون كالأجير(٢) المشترك يضمن غير الغالب، لا إن قال المشتري للبائع: «يبقى المبيع معك، أو اتركه عندك، أو احفظه» - لم يكن توكيلاً بالقبض؛ إذ لم يأمره بنقله، فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: وإذا باع الثمار بعد صلاحها للأكل وسلمها بالتخلية صح التسليم حيث العقد صحيح مع سائر الشروط في التخلية، ويكون قطعها على المشتري كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى، وإن تلفت من بعد فمن ماله، بخلاف من باع مُدّاً من صبرة أو ذراعاً من ثوب فلا تصح التخلية [فيه]، وكذا النقل للصبرة جميعها، ويكون الكيل والقطع على البائع كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى، وكذا من اشترى صخرة من بناء أو خشبة من سقف فإنها لا تكفي التخلية في ذلك.
  والفرق بين تخلية الثمر وغيرها من هذه الأموال: أن تخلية الثمر على الشجر مع تعيين مقطفها(٣) كافٍ في التسليم؛ إذ لا مانع من أخذه، بخلاف الحجر من الجدار أو الخشبة من السقف فالمانع من أخذه حاصل، وهو ما يتصل به من ملك البائع على وجه لا يمكن أخذ المبيع إلا بعلاج [أو تنقيل ملك البائع وما أشبه ذلك](٤)، وذلك لا يكفي في التخلية فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: وإذا قال المشتري للبائع: «ابعث به إليَّ مع فلان» أو نحو ذلك كـ «أرسل به»، ثم فعل وتلف المبيع مع فلان - فهو من مال البائع، إلا أن يجري العرف بأنه يكون وكيلاً للمشتري فمن ماله. وإن قال: «ادفعه إلى فلان، أو سلمه إليه، أو أعطه إياه» فذلك توكيل للفلان، فمتى سلمه إليه البائع برئ من ضمانه، وهذا إذا علم الفلان بأمر المشتري بالتسليم إليه، لا إن جهل؛ إذ علم الوكيل بالوكالة شرط في
(١) حيث قد نقله بعد التوكيل. (é) (من هامش شرح الأزهار ٥/ ١٥٢).
(٢) في المخطوطات: ويكون معه كالأجير، وحذفنا «معه» كما في هامش شرح الأزهار (٥/ ١٥٢).
(٣) في المخطوطات: قطعها. والمثبت من هامش البيان (٣/ ٨٣)، وهامش شرح الأزهار (٥/ ١٥٤).
(٤) ما بين المعقوفين من هامش البيان (٣/ ٨٣) وهامش شرح الأزهار (٥/ ١٥٥).