(باب التيمم)
  مصحف معيَّن جاز أن يحمل غيره، وكذا للوقوف في زاوية معينة في مسجد جاز أن يقف في غيرها، وسواء كان المسبِّل لهما واحدًا أم لا. وإذا نوى مس جزء من جملة المصحف الكامل جاز له مس المصحف؛ لعدم انفصال ذلك الجزء، فهو كزاوية المسجد. ولو نوى قراءة جزء مخصوص من مصحف جاز له حمل المصحف حتى يكمل قراءة ذلك الجزء، وحرم عليه مسه بعد فراغه، ولا يجوز له قراءة غير ذلك الجزء منه؛ لأن مضمون كل جزء غير الجزء الآخر؛ وإن تيمم للجزء الفلاني من أجزاء منفصلة لم يجز له مس غيره ولا قراءته. فإن قال: «لجزء» وأطلق خُيِّر، بخلاف سورة فلا يُخَيَّر؛ لتفاوت السور، فلا يصح التيمم لو نوى لسورة مطلقة. فلو قال: لقراءة جزء من الظهر إلى العصر انتقض تيممه بالفراغ من القراءة ولو بقي الوقت.
  (و) يجوز لعادم الماء ونحوه أن يتيمم (لذي السبب) كجنازة واستسقاء وكسوف (عند وجوده) يعني: عند وجود ذلك السبب في أي وقت، فلا تلوّم، فمتى حضرت صلاة الجنازة أو جماعة الاستسقاء أو الكسوف فإن وجد الماء في الميل لم يتيمم لذلك، بل يتوضأ، إلا أن يخشى بطلبه فوت تلك الجماعة، أو فوت صلاة الجنازة بالدفن لها، أو أن يصلي عليها من لا يعتد بصلاته، أو خشي انجلاء الكسوف - جاز له أن يتيمم لذلك ولو لم يطلب الماء، بل ولو كان حاضراً وخشي باستعماله الفوت كما مر(١). وإذا وجد الماء وقد تيمم لعدمه لتلك الصلاة ذات السبب لم يُعِدْها لو كان قد صلاها، إلا أن يجده في حال الصلاة خرج منها، ما لم يخش فوتها باستعمال الماء لم يخرج منها بالأولى؛ إذ قد مر أنه لا يستعمله لو خشي الفوت قبل الدخول فيها، فبالأولى بعده، فتأمل، والله أعلم.
  وكذا يتيمم للصلاة المنذورة عند حصول شرطها إذا عدم الماء في الميل أو كان ثمة سبب مبيح للتيمم آخر غير العدم، ولا يلزمه التلوّم لها، بل يصليها عند حصول الشرط، وسواء كانت مطلقة أو مؤقته، وسواء قال: «عند قدوم غائبي، أو حال يقدم
(١) في قوله: «أو فوت صلاة لا تقضى».