تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل):

صفحة 157 - الجزء 4

  قوله: «لبين» في اقتضائه المبالغة في الكثرة فسد العقد به أيضاً؛ للجهالة.

  ومن ذلك أن يذكر كون الأمة بكراً أو طباخة أو ذات صنعة أخرى أو تركية، أو كون البقرة تحلب قدراً معلوماً فيما مضى، فهو كما لو قال: «لبون» يعني: ذات لبن، أو أنها كذا، أو سمنها كذا، أو كون البقرة أو الأمة حاملاً، أو أن الحيوان فتي السن أو حثيث السير، أو أن الثوب صنعاني (أو) نحو ذلك من صفات الكمال، كعلى أن الأرض (تُغل كذا) قدراً معلوماً، وأراد بذلك كله (صفةً) ثابتة للمبيع (في) الزمان (الماضي) فيصح العقد معه ويلزم الشرط، فلو جعله شرطاً في المستقبل فسد، وقد مر بيانه. ولو اختلفا هل جعل ذلك صفة أو شرطاً فإن البينة على مدعي كونه شرطاً؛ إذ هو مدعي الفساد. وأمارة كونه صفة أو شرطاً يعرف بشاهد الحال التي أراد البيعان حال العقد، سواء جاء فيهما معاً بلفظ الماضي أو المستقبل، ومن الأمارة أن يأتي في الوصف بصيغة الماضي، نحو أن يقول: «كانت تغل أو تحلب كذا» مع انتفاء قرينة إرادة الشرط في المستقبل؛ إذ اللفظ حقيقة في الماضي، وفي المستقبل أن يأتي بصيغته، كأن يقول: «على أنها تغل في المستقبل كذا» فإن لم يقل: «في المستقبل» وأتى بصيغة الاستقبال وهي «تغل» فلعله يقال: هو حقيقة في المستقبل فيحمل على الشرط مع انتفاء قرينة إرادة الوصف كما قلنا في صيغة الماضي، فافهم.

  وإذا لزم الشرط لمجيئه وصفاً اعتبر حصوله فلا خيار، أو عدمه فيثبت للمشتري الخيار إن نقص عن وصفه، لا زائداً فلا. (ويُعرف) حصوله وعدمه (بأول) الزمان (المستقبل) بأول حَلْبَة في البقرة، وأول غلة في الأرض، هل ذلك كما وصف البائع أم لا، ولا يعتبر حصول ذلك في الماضي، لو أقام عليه شهادة أنها كانت تغل ذلك القدر، بل ولو أقام شهادة أنها تغل أكثر. واعتبار ذلك في أول مرة في المستقبل (مع انتفاء الضار) لها المانع عرفاً بأن تحلب عادتها أو تغل عادتها، من مرض في البقرة أو شدة برد، أو مطر، أو قلة المطر في الأرض، أو نحو ذلك (و) مع (حصول ما تحتاج إليه) البقرة أو الأرض في تلك المدة المستقبلة عادة من العلف للبقرة المعتاد، واعتبار استواء المحل، وأن يحصل لها عند الحلب المعتاد لها، وما يحصل للأرض من العمل