(باب الربويات)
  أرادا(١) به الوجه الأول صح البيع(٢) سواء كان صرف الدرهم أو قيمة المد من الدينار معلوماً لهما معاً حالة البيع أو مجهولاً حال ذلك إذا(٣) كان يعلم من بعد كمسألة الرقم، ويصح بيع الثوب بباقي الدينار، وإن أرادا(٤) الوجه الثاني صح بيع الثوب والدرهم أو المد بالدينار، وكأنه قال: «بعتك هذا الثوب والدرهم أو المد بدينار»، لكن يشترط في المد أن يكون موجوداً في ملك بائعه، وفي الدرهم يشترط حضوره هو والدينار قبل التفرق كما في المسألة الأولى، فيشترط قبضهما. ولو قصد أن الدرهم أو المد يكون ثمناً مع الدينار وتكون «إلا» بمعنى «مع» فلعله يصح البيع أيضاً؛ إذ لا جهالة في الثمن، ويجب تسليمهما معاً. وإن أطلقا ذلك ولم يريدا به شيئاً صح البيع وحمل على الوجه الثاني، وهو أن يكون الدرهم أو المد زيادة مع الثوب وأن «إلا» بمعنى «الواو»، وفي بعض التفاسير لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء ١٤٨] أنها بمعنى «الواو»، ومعناه: ومن ظلم فهو لا يحب الله الجهر بالسوء منه كغير المظلوم، وسبب النزول في ذلك يأبى هذا التفسير، وقد حمل على هذا في قوله:
  وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
  حمل «إلا» بمعنى «الواو» في البيت ظاهر، فهو كذلك في نفس الأمر، ويدل على قصده وجه إعرابه، وحمل «إلا» في هذا المقام - أعني: في البيع - على «الواو» عندي بعيد، سيما عند من لا يعرف تصاريف اللغة والإرادة بألفاظها غير ظاهرها، فالظاهر من العرف حمل الاستثناء من الدينار، وكأنه قال: «إلا صرف درهم من الدينار فأرجعه لي من الثمن»، وكذا في المد وإن كان فيه إخراج الاستثناء من ظاهر وجهه، وهو كونه استثناء من غير جنس المستثنى منه، فذلك أقرب في العرف من جعل «إلا» بمعنى «الواو»، وقد اختار هذا أبو حنيفة والشافعي، والعمل في المعاملات على
(١) في (ب): «أراد».
(٢) الأولى أن يقال: صح بيع الثوب بباقي الدينار.
(٣) في (ج): «إن».
(٤) في المخطوطات: أراد. والمثبت من البيان (٣/ ١٠٢).