تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في أوجه من البيع ورد الشرع بتحريمها:

صفحة 185 - الجزء 4

  الأعراف، فلعله اختير للمذهب الوجه الأول لجري العرف به، وليس كذلك في وقتنا، ويتأمل، والله أعلم. وإن أطلق واختلفا فيما أرادا فاللفظ مجاز في كلا الأمرين⁣(⁣١): في جعله استثناء فهو من غير الجنس، وفي جعلها للعطف فهي تكون بمعنى «مع»، فلعله يحمل على العطف كما اختير للمذهب في الصورة الأولى مع أن العقد في الطرفين صحيح ولو كان يفسد في أحدهما لحمل على وجه الصحة، فتأمل والله أعلم.

(فصل): في أوجه من البيع ورد الشرع بتحريمها:

  وإن كان بعضها ليس ببيع، كالنجش، والاحتكار، والسوم على السوم، لكنها قد دخلت في البيع استطراداً لذكر المنهي عنه، وسمي الفصل بذلك لأغلبية مسائل البيع المنهي عنها فيه وقلة غيرها، فتأمل (و) قد بينها الإمام ¦، وهي خمس عشرة صورة، منها: أنه (يحرم بيع الرطب) من التمر، وهو أن يباع رطباً قبل أن ييبس (بالتمر) الذي قد يبس، (والعنب بالزبيب) ولا يصح مع ذلك البيع، وسواء كانا - أعني: الرطب والتمر وكذا العنب والزبيب - مكيلين أو موزونين [متفقين في التقدير]⁣(⁣٢) أو مختلفين، أو لا تقدير لهما رأساً؛ لأنهما وإن اختلفا في التقدير فهما يؤولان إلى الاتفاق فيه كما قلنا في بيع الزيتون بالزيت، واشترط أن يكون الزيت الخالص زائداً على ما في الزيتون، ليكون الزائد مقابلاً لحب الزيتون، وذلك لأنهما يؤولان إلى تقدير واحد. وهذه العلة غير كافية؛ لعدم شمولها لما لا تقدير لهما، فالأولى أن يقال: لإطلاق النهي منه ÷ وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: «أينقص إذا جف؟» قالوا: نعم، قال: «فلا إذاً»، فاقتضى العموم على كل حال.

  وكبيع⁣(⁣٣) الزبد بالسمن من جنس واحد فلا يحل، ولا يكون ما في الزبد [من


(١) والمذهب أنهما إذا اختلفا فيما أراداه فالقول لمدعي الصحة± فيصح حملاً على الوجه الذي يصح. ذكره في هامش البيان (٣/ ١٠٣). ولفظ البيان: وإن اختلفا فيما أراداه فسد البيع؛ لجهالة ثمنه. قال في الهامش: هلا قيل: القول لمدعي الصحة± ... إلخ.

(٢) ما بين المعقوفين ثابت في المخطوطات، وهو تفسير لقوله: «مكيلين أو موزونين».

(٣) في المخطوطات: كبيع. والمثبت من البيان (٣/ ٩٦).