(باب الربويات)
  وكذا يجوز بيع الزبد بالزبد مع العلم بالتساوي، وسواء كان يوزن أم لا؛ لأنه يؤول إلى الوزن، ولا حكم لما فيه من اللبن؛ لأنه لا قيمة له.
  فَرْعٌ: ويجوز بيع دقيق البر بدقيقه متساوياً(١) يداً بيد، ويجوز بيع لحم الغنم بشحم بطونها متفاضلاً، لا نسأ؛ لأن ذلك ربا حيث يوزنان، وحيث لا يوزنان فهما قيميان فيجوز التفاضل فيهما، لا النسأ أيضاً كفرس بفرسين، ولا يجوز بيع اللحم من الغنم أو من غيرها بشحم ظهورها - لأنه من جملة اللحم - إلا متساوياً يداً بيد حيث يوزنان، وكذا في سائر الحيوانات. ولا يجوز بيع الدقيق بجنسه سويقاً؛ لأنه لا يعلم تساويهما؛ لكون السويق مقلوّاً، فهو ما يؤخذ [من الزرع](٢) في سنبله - برّاً أو شعيراً أو ذرة - يقلى ثم يطحن ثم يغلى عليه في النار على ماء، فإذا صار دقيقاً فهو كالعيش الناضج يلت بالإدام ويؤكل، وعلة المنع ما قلنا من عدم العلم بالتساوي؛ لكونه مقلوًّا، ولعله إذا لم يُقْلَ وطحن وأغلي فلعله يمكن العلم بتساويهما بتقديره(٣) قبل الطحن بالحب كالدقيق، فتأمل، والله أعلم.
  (و) منها: (المزابنة) وهي بيع الرطب على أشجاره بخرصه - يعني: بقدره - تمراً يابساً، وسواء كان التمر مكيلاً أو غير مكيل، وهذه مما مر إلا أنها أخص بتسميتها مزابنة لما كان بيع الرطب فيها على الشجر، فلا يجوز ذلك بتمر، ووجه المنع ظاهر، وهو تيقن عدم التساوي(٤) بين الرطب قبل جفافه والتمر اليابس (إلا) ما رخصه النبي ÷ في حق (العرايا) وهم الفقراء، سموا بذلك لعراء أملاكهم عما أرادوا من الرطب، أو تعريهم عن الملك مطلقاً، أو أبدانهم عن الثياب، وفي وجهٍ أن في التسمية بذلك وجهاً آخر أنها النخل نفسها فتسمى عرايا، ووجه ذلك أنها تفرد النخلة والنخلتان في البيع، فهي مشتقة من الإعراء، وهو الإفراد.
(١) إذا اتفقا نعومة وخشونة. (é) (من هامش شرح الأزهار ٥/ ٢٣١) وهامش البيان (٣/ ٩٧).
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في (د): «لتقديره».
(٤) في شرح الأزهار (٥/ ٢٣٢): عدم تيقن التساوي.