(باب الربويات)
  فمهما اجتمعت هذه الشروط صار محتكراً، وسواء قصد الاحتكار أم لا كما قلنا عند الشراء، أو لم يكن مشترىً بل من زرعه، فيأثم بذلك، ويأثم إن قصد عند شرائه أو حصده ادخاره ومنع الناس منه عند حاجته، وهذا معنى قوله ÷: «لبئس العبد المحتكر ... إلخ».
  وهو لا يثبت له حكم المحتكر إلا بعد أن يمنع الناس من البيع عند الحاجة واجتماع سائر الشروط (فيُكَلَّف البيع) لذلك الذي احتكره من أحد القوتين، فإن امتنع فللإمام أو(١) الحاكم أن يبيع عنه، ويكون البيع منهم لذلك بثمن المثل.
  ومن أحكامه(٢): أنه يأثم بذلك ويستحق اللعنة. وهل للإمام أن يحرق طعامه أو يرفعه إلى بيت المال عقوبة له؟ فقد روي عن أمير المؤمنين كرم الله وجهه في الجنة أنه أحرق طعام المحتكر، وقال المحتكر: لو خلَّى لي مالي لربحت مثل عطاء أهل الكوفة، وكان بها مائة ألف مقاتل، وكان عطاؤهم - لعله للواحد منهم - ألف دينار.
  (لا التسعير) فلا يُكَلَّفه المحتكر بعد أن يساعد للبيع، فيبيع بما شاء، ولعله مع ملاحظة أسعار السوق فيبيع بأيها شاء، لا مطلقاً فهو يؤدي إلى أن يقول: أريد(٣) فيه من كذا بما يعجز الناس عن شرائه، فتبطل فائدة إجباره على البيع، فيتأمل المراد، ولعل ظاهر الأزهار الإطلاق، إلا أنه يؤدي إلى ما قلنا، فيكون ذلك إلى رأي الحاكم في تقدير سعر ذلك بقدر ما مضى في مثل هذه الشدة، فإن زادت زاد بحسبه، أو نقصت نقص بحسبه، وهذا هو الأولى، والله أعلم. إلا أن المقرر للمذهب خلافه، وأنه يبيع كيف شاء ولا يكون للحاكم تقدير السعر كما قلنا، فتأمل.
  وأصل تحريم التسعير(٤) ما رواه أنس عن النبي ÷: أن السعر غلا في عهده ÷ فقال الناس: سعِّر لنا يا رسول الله. فقال ÷: «إن الله هو القابض
(١) في (ج): «و».
(٢) يتأمل. (من هامش المخطوطات).
(٣) في (ج): «لا أزيد».
(٤) في المخطوطات: السعر. والصواب ما أثبتناه.