تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الربويات)

صفحة 192 - الجزء 4

  والباسط، والرازق والمسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد يطلبني بمظلمة في نفس ولا مال»، رواه في الشفاء.

  وإنما يكلف البيع ولا يُسَعّر عليه (في القوتين) والماء (فقط) ولو كان الطعام مصنوعاً فإنه لا يسعر⁣(⁣١)، لا في غيرها فلا يكلف بيعه وإن ادخره ليتربص به الغلاء، ومتى أراد بيعه فإنه يجوز أن يسعر عليه، وقد استصلح الأئمة واختير ذلك، وهو تقدير سعر ما عدا القوتين في بعض الأحوال، كاللحم والسمن؛ رعاية لمصلحة الناس ودفع الضرر عنهم. روي عن الإمام الهادي # أنه كان يصلي بالناس الخمس الصلوات، ثم ينهض ويدور في السكك، وينهى عن المنكر، ويأمر بالمعروف، ويمر على أهل [البضائع]⁣(⁣٢) فيأمرهم أن لا يغشوا بضاعتهم، ويأمرهم بإيفاء المكيال والميزان، ويسعر عليهم، فقالوا: أليس التسعير حرامًا؟ فقال: أليس [الغش]⁣(⁣٣) حراماً والظلم كذلك؟ فقالوا: بلى، فقال: إنما نهى عن التسعير على أهل التقى وأهل العفة، فإذا ظهرت الظلامات والبخس في البيوعات والنقص وجب على أولياء الله ينهون عن الفساد، ويأخذون على يد الظالم.

  ومما نهي عنه بيع الحاضر للبادي وشراؤه له إذا كان فيه ضرر على أهل المصر، فلا يجوز، ويصح البيع والشراء؛ لأن النهي فيه لأمر آخر غير المبيع والثمن. والمراد بذلك أن يقدم البدوي إلى القرية أو المصر بمتاع، فيجيء إليه الحضري الذي في البلد فيقول له: «لا تبعه فأنا أبيعه لك وأزيدك الثمن»، وقد قال ÷: «لا يبيعنَّ حاضر لبادٍ وإن كان أباه أو أخاه»، فالقصد بهذا النهي هو نفي الإضرار بأهل الحضر؛ لأن الأشياء عند أهل البادية أرخص وأيسر من أهل الحضر، بل أكثرها عندهم يكون بغير ثمن، فإذا وصل⁣(⁣٤) ذلك إلى يد الحضري ربما شدد فيه وتعسر


(١) في (ب، ج): فإنه يسعر. وإثبات «لا» هو الموافق لما في هامش شرح الأزهار (٥/ ٢٣٧) والتاج (٢/ ٣٨٦).

(٢) في (ج): «الصناعات».

(٣) في (ج): «الغبن».

(٤) في (ج): «فإن أوصل».