(باب الربويات)
  ومثاله: لو غصب عشرة دراهم فاشترى بها شيئاً وعينها ودفعها، ثم باع ذلك الشيء باثني عشر درهماً، فالربح درهمان، فإذا لم يتصدق بهما واشترى بالاثني عشر سلعة أخرى وربح فيها مثلاً ستة دراهم، بأن باعها بثمانية عشر درهماً، فحصة الربح درهم، هو سدسه بقدر نسبة الربح من جميع الثمن، فيتصدق بالربح، وهو الدرهمان، وربح الربح، وهو درهم، ويطيب له خمسة دراهم، وهي ربح رأس المال، فتأمل، والله أعلم.
  قال ¦: (أو) ربح (ثمنه) يعني: ثمن العين المغصوبة فإنه يحرم عليه؛ لأنه ملكه من وجه محظور، والمراد بذلك أنه إذا باع السلعة المغصوبة بنقد فبيعه - وإن كان باطلاً لا يملك به البائع الثمن - يقتضي صحة أن يشتري به شيئاً، وإذا باعه صح، ويجب عليه التصدق بالربح، وسواء كان الذي اشتراه منه جاهلاً أن العين غصب أم عالماً بذلك فلا يبيح(١) له الربح حيث علم بغصب العين. وأما لو اشترى شيئاً بنفس العين المغصوبة، أو بثمنها وهو غير نقد - فإن البيع باطل؛ لتعين السلعة، ولا يملكها مشتريها، ولا يملك بائعها ثمنها. فلو باعها ثم اشترى بثمنها شيئاً وربح فيه فلعله كالغاصب الأول لا يطيب له الربح، فيتأمل.
  وأما حيث يبيع مال غيره بأكثر من قيمته ثم عجز عن رد تلك العين فإنه يضمن لمالكها قيمتها، ويرد زائد الثمن على المشتري، لا الربح(٢) لو اشترى بالثمن شيئاً آخر؛ لما مر في الصورة الأولى، وهو المراد بالنهي عن ربح ما لم يملك، وهذه صورة من المنهي عنه، فتأمل.
  ومن المنهي عنه: ربح ما لم يضمن، وهو أن يبيع ما شراه قبل قبضه بأكثر من قيمته، فبيعه له فاسد، فيرد زائد الثمن على القيمة على المشتري الأخير، فإن بقي معه شيء من القيمة زائد على ثمنه الذي اشتراه به فإنه يطيب له؛ لأن البيع الفاسد جائز لا
(١) في (ب): «يصح».
(٢) أي: فيتصدق به، ولفظ البيان (٣/ ١٠٩): وأما المذهب فيرد زائد± الثمن على المشتري، وإنما يتصدق بربحه لو اشترى بالثمن شيئاً آخر ثم باعه وربح فيه، فيتصدق بالربح على قول الأحكام±.