تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الربويات)

صفحة 199 - الجزء 4

  لجميع ثمنه حيلة - وستعرفها - فيحرم، إلا بعد توفير جميع الثمن فيجوز إن لم يكن ثم حيلة في ذلك، وإلا حرم (إلا) أنه يجوز بيعه بأقل مما شري به في صور هي أكثر من صور التحريم، إلا أن الإمام صدر المسألة بالمنع لخطره وعظم إثمه وكثرت التعامل به، فجعل المنع لبيع الشيء بأقل مما شري به كأنه لا يجوز بحال، واستثنى من ذلك صوراً:

  الأولى: أن يبيع ذلك الشيء (من غير البائع) له إليه فإن ذلك جائز؛ لبعد قصد الحيلة في ذلك، فإن حصلت حرم، بأن⁣(⁣١) يكون المشتري وكيلاً بالشراء للبائع الأول وقد تواطأ⁣(⁣٢) هو وإياه على أن يبيعه إلى وكيله بعد أن يدفعه إليه فإنه يحرم.

  الثانية قوله ¦: (أو) يكون البيع (منه) يعني: من البائع إليه إلا أنه (غير حيلة) قصدت لهما في التوصل إلى قرض ونسأ، فيجوز ويصح البيع، ولو لم يكن قد وفر للبائع إليه جميع الثمن بل أكثره⁣(⁣٣) أو أقل، ثم باعه منه بأقل غير قصد للحيلة فإنه يجوز، وأما إذا قصد بذلك الحيلة فإنه لا يجوز ولا يصح.

  وصورة الحيلة المحرمة التي هي مسألة العينة: أن يقرضه لفائدة تحصل له في القرض [وعنده أنه لا يصح]⁣(⁣٤)، فيحتال بأن يقول: «أنا أبيع منك سلعة بمائة درهم وعشرة دراهم، ثم تبيعها مني قبل أن توفر لي الثمن بمائة درهم أسلمها لك» ويبقى في ذمة المشتري مائة وعشرة، فهذه العشرة هي الفائدة التي أرادها زيادة على ما يقرضه - وهي مائة - إن لم يدفع له إلا المائة، ويريد أن يقضيه مائة وعشرة التي باع إليه السلعة بها، وهذا توصل إلى الربا فيحرم. وتسمى هذه مسألة العينة، والعينة في اللغة: النسيئة، أو لأنه عاد إليه عين ماله.

  الثالثة: (أو) يبيعه إليه (بغير جنس الثمن الأول) فإنه يجوز ولو أقل منه في التقدير. والدراهم والدنانير جنسان هنا، فإذا باع إليه بمائة درهم ما اشترى منه


(١) في (ج): «كأن».

(٢) في (ج): «تراضيا».

(٣) في (ج): «أكثر».

(٤) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٥/ ٢٤٦).