تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخيارات)

صفحة 225 - الجزء 4

  كان راضياً به أم كارهاً له، كما أنه لو فسخ عقيبها صح فسخه ولو كان راضياً بذلك المبيع؛ إذ لا عمل على ما في القلب من الرضا وعدمه حيث لم يصحبه نطق. وإنما يبطل خياره بالسكوت عقيب الرؤية للمبيع مع علمه بأنه المبيع، وأن له الفسخ، وأن التراخي يبطل فسخه كما مر، لا إن فقد أحدها فلا يبطل بالسكوت والتراخي، فله الفسخ بعد ذلك. وهذا المبطل السابع في التحقيق من تمام السادس كما يظهر لك؛ إذ المراد أن السكوت مبطل عقيب المعرفة التامة بالجس أو بغيره، فافهم.

  فائدة: اعلم أن السكوت يكون رضاً في عشرة مواضع: في خيار الشرط، والرؤية، والسيد إذا تزوج عبده أو باع أو اشترى، ونفي الولد في اللعان إذا علم أن له نفيه، وفي الصغيرة إذا بلغت وسكتت مع العلم بأن لها الفسخ، وفي الكبيرة إذا زوجت وعلمت وسكتت، والراهن إذا سلم بعض ما في الرهن يعني: وأمر المرتهن ببيعه [فأراد]⁣(⁣١) بيعه فسكت، والواهب إذا وهب على عوض مضمر فتلف ولم يرجع، وفي الشفعة إذا سكت الشافع عند العلم بالبيع وثبوت الشفعة، كما حقق كل واحد منها في محله فراجعه إن أردت، والله أعلم.

  (و) الثامن: (برؤية من الوكيل) بالشراء، فإذا رآه رؤية مثله ولم يفسخ عقيبه بطل خيار الرؤية، فليس للمشترى له الفسخ؛ لأن الوكيل قائم مقامه في ذلك؛ لتعلق الحقوق به، كما لو أبطل الموكل خيار الرؤية لم يبطل، فللوكيل الفسخ بها؛ لما قلنا من تعلق الحقوق به إن لم يضف إلى من وكله. وأما الوكيل بالقبض أو بالرؤية فلا يتعلق بهما فسخ ولا إمضاء، ولكن يبطل خيار الموكل بسكوته عقيب رؤيتهما.

  و (لا) يبطل الخيار أيضاً برؤية (الرسول) فلا تكون رؤيته رؤية للمرسل، وسواء كان رسولاً بالشراء أو بالقبض، وهو الذي يقول له: «قل للبائع يبيع مني»، ولعل هذا هو الرسول بالشراء، أو: «يأمر لي بالمبيع معك، أو يعطيك المبيع»، وهذا رسول بالقبض.


(١) لعلها: فرآه يبيعه.