(باب الخيارات)
  ومهما لم يتغير فله الخيار بين الرد والرضا من غير طلب أرش للمعيب من البائع، إلا أن يتراضيا بأرش العيب وعدم الرد جاز، ولا يتوهم أن ذلك من أخذ العوض على الحق(١) وهو لا يجوز؛ إذ أخذ الأرش هنا ليس على حق بانفراده، وإنما هو على نقص جزء من المبيع. فيكون تسليم الأرش هنا نقصاناً من الثمن إن كان من جنسه، وإن كان من غير جنسه فزيادة في المبيع. وإذا رد المبيع بالعيب بحكم أو تراض على ما يأتي إن شاء الله رجع المشتري بما دفع من الثمن، لا بما أبرأه منه أو حط عنه(٢) أو أسقط عنه؛ لأن ذلك يلحق بالعقد(٣)، وأما ما وهبه له أو ملكه [بياض] يتأمل إن شاء الله.
  مَسْألَة: ولا يجب رد المشترى المعيب إلى موضع العقد، بل يسلم (حيث وجد المالك) ولو في غير محل العقد، ولا يلزمه إيصاله، ويجب على البائع قبضه متى سلمه إليه المشتري في أي مكان، إلا أن يخشى على ذلك المبيع من ظالم أوعلى غيره لم يجب عليه قبضه، ولا يبرأ المشتري بتسليمه إليه مع الخوف، وتكون مؤنة حمله إلى البائع على المشتري، ومتى وصل المبيع إلى البائع فمؤنة نقله لو أراد إلى موضع العقد على البائع لا على المشتري. وهذا عام في جميع الخيارات، وهو الرد إلى المالك حيث وجد.
  مَسْألَة: (و) إذا رد المشتري المبيع بعيب فإنه (لا) يثبت له أن (يرجع) على البائع (بما أنفق) على المبيع ولا بما غرم فيه ولو رده بحكم حاكم (ولو علم البائع) بالعيب وقت العقد ولم يُعلم المشتري بذلك؛ لأنه أنفق على ملكه؛ بدليل تلفه من ماله، ولاستحقاقه الفوائد كما يأتي، ولو أنفق عليه بعد الفسخ له بالعيب وقبل القبض من البائع له، إلا أن يأمره الحاكم بالإنفاق لغيبة البائع أو تمرده عن الحضور للتخلية فإنه يرجع بذلك، فتأمل، والله أعلم.
  واعلم أن ما ذكره الإمام # ضابط فيما يُرد به المبيع من العيب بقوله: «وشهد
(١) وهو ترك الفسخ.
(٢) في (ج): «منه».
(٣) وفي هامش شرح الأزهار (٥/ ٣٠٩): فإذا كان البائع قد أبرأ المشتري من الثمن أو وهبه أو نحو ذلك ثم رد المبيع بعيب فإنه يرجع عليه بالثمن¹ جميعه.