تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخيارات)

صفحة 261 - الجزء 4

  بعضه فإن ذلك يكون رضاً بعد العلم، لا قبله فله الأرش كما يأتي. وإذا حلب البقرة بعد علمه بالعيب: فلنفسه كان رضا، ولدفع الضرر عنها فمع حضرة المالك يكون رضا، ومع غيبته التي يتضرر بها الحيوان لا يكون رضا ولو لم يأذن الحاكم كما مر في الركوب للعلف. وإن نوى الحليب للبائع: فمع غيبته لا يكون رضا، ولعله يعتبر غيبته عن الميل إذا لم يخش الضرر على الحيوان، وإلا فما يخشى معه الضرر ولو قلّت الغيبة، ومع حضوره يكون رضا. وإن حلبها بغير نية لا له ولا للبائع ولا لدفع الضرر عن الحيوان فإنه يكون رضا. وإن حلبها قبل أن يعلم بعيبها ثم انتفع باللبن بعد علمه به فإنه يكون رضا، لعله إذا كان ذلك اللبن شمله العقد، لا إن لم يشمله؛ لأن الفوائد له إن لم يرد بحكم كما يأتي، ويتأمل. وهكذا في المصراة إذا حلبها بعد الثلاثة الأيام فهو على هذا التفصيل كما مر، وإن حلبها في الثلاث لم يكن رضا؛ إذ الغالب أن ذلك للتعرف، وهو لا يعرف بأنها⁣(⁣١) مصراة إلا بعد الثلاث.

  إن قيل: ما الفرق بين خيار الرؤية فلم يبطل بالتصرف⁣(⁣٢)، بخلاف خيار العيب؟

  يقال: الاستعمال في خيار الرؤية قبل حصول سبب الخيار، وهو الرؤية؛ ولذا إذا كان بعدها أبطل الخيار، وهنا بعد حصول السبب، وهو العلم بالعيب، فافترقا.

  ومن التصرف المبطل هنا أن يخرجه عن ملكه أو بعضه بعد العلم بالعيب، وذلك ببيع أو هبة أو غيرهما، وذلك أولى من الاستعمال (غالباً) يحترز بذلك مما قد عرفته في هذه الصور المعدودة في الشرح قبيل هذا، وقد ذكرنا فيها عدم بطلان الخيار بها⁣(⁣٣)، وذلك كاستعمال العبد قدر ما يعتاد استعمال ملك الغير من دون إذنه بلا حرج عرفاً؛ أو عرضه للبيع ليعرف قدر ما يدفع فيه مع العيب، أو ركب الدابة لمصلحتها مع غيبة المالك، وبعض صور حلب البقرة ونحوها، وقد عرفت ذلك، فتأمله مما مر تعرف صور غالباً جميعاً، والله أعلم.


(١) في (ج): «أنها».

(٢) في هامش شرح الأزهار (٥/ ٣١٩): بالاستعمال.

(٣) ساقط من (ج). وفي (ب): «لهما».