تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخيارات)

صفحة 271 - الجزء 4

  لاستعمال، أو لا يعرف العيب إلا بتلك الجناية، أو كان ممن لا تضمن جنايته فإنه (يخير) المشتري ولم يجعل الخيار للبائع؛ لأنه قد خرج عن ملكه، ويخير المشتري (بين أخذه) يعني: المبيع (و) يطلب من البائع (أرش) العيب (القديم) الذي هو من عند البائع، سواء طلب الأرش في حضرة البائع أو في غيبته (أو رده) على البائع (و) يسلم معه (أرش) العيب (الحديث) عنده، فيخير المشتري بين هذين الأمرين.

  هذا حيث تكون الجناية عند المشتري بفعله قبل العلم بالعيب، لا بعد العلم فلا رد ولا أرش، وأما إذا كانت بفعل غيره فإنه يبطل الرد ويتعين الأرش؛ إذ لو رده مع الأرش الأخير أخذ البائع أرش ما جني عليه في غير ملكه، وإن رده بغير أرش أخذ المشتري أرش ما لم يستقر في ملكه، إلا أن يتراضيا على الرد مع أرش الثاني أو بغير أرش جاز.

  نعم، وكيفية معرفة الأرش الذي يرجع به المشتري على البائع: أنه ينظر في قيمة المبيع معيباً وقت العقد - إذ هو وقت الاستحقاق إذا كان العيب متقدماً على العقد، وإلا فوقت القبض - وينظر في قيمته سليماً من العيب، فما نقص من قيمته سليماً نسب من القيمة هل هو نصفها أو ربعها أو عشرها، ثم يرجع بمثل ذلك من الثمن، فلو كانت قيمته معيباً أربعة وسليماً ستة، رجع بثلث الثمن قليلاً كان أم كثيراً.

  وأرش العيب الحديث يعرف بأن يقوم المبيع سليماً عنه ومعيباً، فما بينهما فهو الأرش، فكل أرش أخذ من البائع فهو ما بين القيمتين منسوباً من الثمن، وكل أرش أخذ من المشتري فهو ما بين القيمتين من دون نسبة.

  فَرْعٌ: فلو اختلف البائع والمشتري فطلب كل واحد أخذ المبيع - فمع الأرش [أو بغير أرش] يكون المشتري أولى به؛ لأن الملك قد انتقل إليه، وإن طلب أحدهما أخذه من غير أرش والآخر مع الأرش فكذا أيضاً الخيار للمشتري، ولو كان هو الطالب له مع الأرش والبائع من دون أرش. وإن طلب المشتري رده مع الأرش وطلب البائع تسليم الأرش للمشتري ولا يرده المشتري كان للمشتري الرد، فعرفت أن الخيار للمشتري بكل حال، وإنما عددت لك الصور لتعرفها.