(باب) يذكر فيه حكم ثلاثة أشياء: بيان (ما يدخل في المبيع و) حكم (تلفه و) حكم (استحقاقه)
  فهذه أربع صور يكون التسليم فيها غير نافذ، فللبائع استرجاع المبيع إلى يده أو إلى يد عدل حتى يسلم له الثمن، ومتى استرجعه كان حكمه كما كان قبل التسليم، فيتلف من مال البائع.
  القيد الثاني: «أن يكون تلف المبيع في غير يد المشتري»، وأما إذا تلف في يده ولو بعد هذا التسليم غير النافذ فإنه لا يتلف من مال البائع، حيث لا يكون الخيار لهما أو للبائع، وقد مر بيانه.
  القيد الثالث: «أن يكون تلفه بغير جناية المشتري»، فلو تلف ولو في يد البائع بجناية المشتري أو عبده، أو حيوانه العقور ولم يحفظ حفظ مثله، فإنه يتلف من مال المشتري، واستحق البائع منه الثمن، كما لو تلف في يد المشتري وقد استحق القبض، أو لم يكن قد استحقه وقبضه قبل تسليم ثمنه ثم تلف معه، فإنه متعد ويتلف من ماله، فيسلم ثمنه، وذلك حيث يكون العقد صحيحاً، لا إذا كان فاسداً فلا؛ لأنه يفتقر في قبضه إلى النقل بالإذن، وهو ظاهر، والله أعلم.
  فإذا اجتمعت هذه القيود الثلاثة بطل البيع وتلف من مال البائع، ووجب عليه تسليم الثمن للمشتري، وسواء كان تلفه بجناية البائع أو بجناية الغير، فلا يستحق المشتري أخذ القيمة من الغير ويسلم للبائع الثمن، فافهم.
  وإن تلف بعض المبيع كذلك بطل البيع في التالف، وخيِّر المشتري في الباقي بين أخذه بحصته من الثمن أو رده إذا كان انفراده عيباً، كثورين للحرث، أو عبد وزوجته، أو كان له غرض في اجتماعهما.
  وإذا كان تلف المبيع مع تلك الشروط من مال البائع وكان قد استعمله أو انتفع به بوجهٍ مّا لم يكن للمشتري مطالبته بالكراء؛ لأنه تبين أنه استعمل ملكه؛ لانكشافه بالتلف قبل القبض ملكاً له، وليس له أيضاً أن يطالبه بالنتاج والنماء الحادث بعد البيع، متصلاً كان أو منفصلاً، بل يكون للبائع. وكذلك ليس له المطالبة بقيمة المبيع للتلف عنده، مع كون البائع عاصياً بالاستعمال لملك الغير، إلا أنه تبين من بعد أنه