(باب) يذكر فيه حكم ثلاثة أشياء: بيان (ما يدخل في المبيع و) حكم (تلفه و) حكم (استحقاقه)
  إلا المبيعة». إن قيل: لِمَ لا يلزم البائع المهر كما لزمه الكراء لو استعمل المبيع قبل القبض؟
  فهو يقال: في الانتفاع لزم المشتري القبض؛ لأنه لم يتعيب المبيع به؛ فلزم له الكراء، وفي الوطء لا يلزمه قبض الأمة؛ فيثبت(١) له الخيار، فإذا اختارها فلا مهر، وكان الخيار كافياً عن لزوم المهر.
  فإن قيل: لِمَ لا يلزم المهر كما لزم الزوج إذا وطئ الأمة المصدقة؟ فهو يقال: شبهة البائع هنا أقوى، وملكُ المشتري ضعيف؛ فلذا لم يصح تصرفه في المبيع قبل قبضه، بخلاف ملك الزوجة الأمة فهو قوي(٢)؛ بدليل صحة تصرفها في المهر(٣) قبل القبض، فتأمل.
  فَرْعٌ: وإذا ردها المشتري وقد علقت من البائع لم تكن أم ولد له، ولا يثبت نسب ولدها [منه]، ويعتق عليه لإقراره به إن أقر أنه ابنه، وإن أقر أنه منه فعلى الخلاف في تحريم نكاح البنت من الزنا. هذا إذا كان العقد صحيحاً، فإن كان فاسداً ثبت الاستيلاد؛ لأنه لا يملك إلا بالقبض، فتأمل، والله أعلم.
  وأما بيان حكم استحقاق المبيع فقد بينه الإمام ¦ بقوله: (وإذا استحق) المبيع، يعني: انكشف أنه ملك غير البائع وجب على المشتري (رده لمستحقه) ولو تعذر عليه الرجوع على البائع بالثمن، ولا شيء له على من استحقه، وكذا يجب عليه رد فوائده الأصلية والفرعية إن كان عالماً، وإن كان جاهلاً طابت له الفرعية - يعني: الكراء فقط كما يأتي إن شاء الله تعالى: ويملك مشتريها الجاهل غلتها، وعليه الأجرة.
  وهو لا يجوز للمشتري تأخير الرد حتى يحكم به إذا علم استحقاقه، بل يجب عليه الرد فوراً وإن كان ذلك يُسقط حقَّه من الرجوع على البائع، فيكون غاصباً إن أخر
(١) لفظ البستان كما في هامش البيان (٣/ ١٩٦): بل يثبت.
(٢) وشبهة الزوج هناك ضعيفة. (من هامش شرح الأزهار ٥/ ٣٩١) وهامش البيان (٣/ ١٩٦).
(٣) في (ب): في الأمة، وفي (ج): في الأصل.