تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب البيع غير الصحيح)

صفحة 334 - الجزء 4

  يرجع بما أنفق على المبيع كالغصب أيضاً، ولأنه أنفق غير مريد للعوض (إلا) في أربعة أحكام فإنه يخالف الغصبَ فيها:

  الأول: (أنه يطيب ربحه) فإذا باعه واشترى بثمنه شيئاً فباعه وربح فيه فإنه يطيب له ذلك الربح؛ لأنه في يده برضا مالكه وتسليطه عليه. ولعل فوائد ما عاوض فيه كالإباحة، لا فوائد الأصل فحكمها حكمه كالغصب.

  وهذا مع العلم، لا مع الجهل فلا يطيب له الربح، كما مر في قوله |: «قرض فاسد مع الجهل». وهكذا يكون حكم ثمن المغصوب في يد بائعه إذا علم المشتري بغصبه⁣(⁣١)، فإن جهل فكالمغصوب سواء. وهكذا في ثمن الصيد حيث بيع من المحْرِم؛ لأنه باطل، لا في الربا في يد المربي فإنه يلزم التصدق بربحه مطلقاً، وقد مر: «وربح ما اشترى بنقد غصب ...» إلخ.

  (و) الثاني: أنه (يبرأ مَنْ رَدَّ إليه) فإذا غصبه عليه غاصب ثم رده إليه برئ ذلك الغاصب، وله أيضاً مطالبة غاصبه برده إليه وانتزاعه منه، وسواء في ذلك العين أو القيمة، فإذا أتلفه متلف فإنه يبرأ برد قيمته إليه. وفرق بين هذا والوديعة: أنه مسلط⁣(⁣٢) هنا على الإتلاف، مأذون له [به]، لا في الوديعة فإنه غير مأذون له بالإتلاف، فإذا أتلف العين غيره لم يبرأ برد القيمة إليه، بل يسلمها إلى مالك العين، ولأنه هنا مضمون عليه أيضاً، بخلاف الوديعة.

  (و) الثالث: أنه (لا أجرة) عليه لمالك تلك العين (إن لم يستعمل) بها، بخلاف المغصوب، فإن استعمل لزمته الأجرة، مع أنه لا يجوز له الاستعمال بحال، وهي لا تلزمه الأجرة إلا مدة الاستعمال فقط، ومتى زال الاستعمال لم تجب الأجرة؛ لأنه مأذون له بالإمساك.

  (و) الرابع: أنه (لا يتضيق) عليه (الرد) لتلك العين لمالكها (إلا بالطلب) من


(١) بل يلزمه± التصدق بربحه مطلقاً على قول الأحكام، وهو ظاهر الأزهار في قوله: «وربح ما اشتري بنقد غصب أو ثمنه ... إلخ». (من هامش البيان ٣/ ٢٠٩).

(٢) في (ج): «سلط».