(باب المأذون)
  الذي باعه به؛ لأن لهم حقاً في رقبته والثمنُ عوض عنها(١)، فيتعلق حق الغرماء بالعوض؛ لتعلقه بالمعوض، فإن كان الثمن يوفي الغرماء أو أكثر من القيمة سلّمه إليهم، وإن كان لا يوفيهم وهو أقل من القيمة سلمه لهم، والقدرُ الزائد من الدين على الأوفى منهما يكون في ذمة العبد، يطالب به متى عتق. ولا يلزم السيد إلا ذلك سواء كان الأوفى منهما يوفي الغرماء ما لهم أم لا، وليس لهم النقض مهما كان السيد متيسراً لتسليم الأوفى منهما؛ لأن البيع قد انبرم مع وجود ما يُرجع به على السيد.
  (و) يكون (لهم) يعني: للغرماء (النقض) للبيع والهبة، والتدبير قبل الموت، والكتابة قبل الإيفاء، وذلك (إن فوَّته) السيد وكان (معسراً) عن تسليم ما عليه وإن صح ذلك التصرف، إلا أن حقهم أسبق من حق من صار العبد في يده، فكان لهم نقض البيع ونحوه ليستسعوا العبد بما عليه من جميع الدين، لا الوقف والعتق النافذ فلا يكون لهم النقض، بل يستسعون العبد كما مر بالأقل من القيمة أو الثمن، والزائد في ذمته، ولا يرجع على السيد بما سعى؛ لأن أصل الوجوب عليه.
  وأما إذا فوته موسراً ثم أعسر بعدُ كان في ذمة السيد {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة ٢٧٩]، وكذا إذا باع السيد عبده المأذون ثم امتنع من تسليم ما عليه من الدين كان للغرماء نقض بيعه، وذلك حيث لا يمكن إجباره على تسليم الأوفى كما مر، فإن أمكن لم يكن لهم النقض وإن كان الذي يدفعه السيد لا يفي بدينهم كما مر، ولا يحتاج إلى ولاية من الإمام أو الحاكم للنقض. وإذا امتنع السيد من تسليم عبده وما في يده [ومن بيعه](٢) لقضاء دينه باعه الحاكم عنه لا الغرماء كسلعة المفلس، فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: (و) دين الجناية: هو ما لزم العبد سواء كان مأذوناً أم لا فيما صار في يده بغير رضا أربابه، وذلك بأن يصير إليه (بغصب) غصبه(٣) على أهله ولو كان مأذوناً
(١) في (أ، ب): عنهما.
(٢) ما بين المعقوفين من البيان (٣/ ٢٢٤).
(٣) واستهلكه±. (هامش شرح الأزهار ٥/ ٤٥٠).