تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب المأذون)

صفحة 358 - الجزء 4

  وحيث يبيعه الحاكم لا بإذن الغرماء فلا يتصور الجهل، فالمراد إذا باعه بإذنهم لم يلزمه إلا الثمن⁣(⁣١) فقط ولو كان عالماً بالدين، فلا يكون ذلك مع العلم اختياراً لجميع ما عليه كما لو باعه بغير إذنهم.

  وهذا الوجه في التحقيق يستوي فيه دين المعاملة ودين الجناية في لزوم الدين على السيد بالاختيار أو الاستهلاك، لكنه يفرق في الاستهلاك، فهاهنا مع العلم يلزم جميع ما عليه، وهناك - أعني: في دين المعاملة - مع العلم أو الجهل، ويتأمل، لكنهما يفترقان بعد التعيين، ففي دين المعاملة يلزمه من الأرش إلى قدر القيمة، وهنا جميع الأرش، وفي البيع سواء يلزمه الأوفى من القيمة والثمن، لعله مع الجهل هنا، فتأمل والله أعلم.

  وهنا يقال: «غالباً» يحترز بذلك من أن يمتنع صاحب الحق من أخذه، فإذا استهلكه المالك بعد الامتناع بعتق أو بيع أو نحوهما فإنه لا يلزمه لذي الحق إلا قيمته فقط.

  (و) الرابع: (يلزم) العبد (الصغير) الذي لم يبلغ الحلم ولو غير مميز ويتعلق برقبته كما يلزم الكبير، حيث يكون بالمباشرة كالغصب، لا بالتدليس فلا حكم لتدليسه، بخلاف دين المعاملة فلا يلزم الصغير غير المميز أو غير المأذون، بل يكون مال مَنْ عامله ملقى في مضيعة. وأما الحر الصغير فيكون دين الجناية متعلقاً بماله⁣(⁣٢)، وكذا المجنون، وهو ظاهر.

  ودين الجناية في هذه الأحكام (عكس) دين (المعاملة) وهو ثلاثة كما عرفت اشتراكهما في الرابع، وهو الثالث في الأزهار، والله أعلم.

  فائدة: وكل ما لزم السيد من دين عبده في جناية أو معاملة فإنه لا يبرأ العبد منه حتى يسلمه سيده أو غيره، فلو عتق⁣(⁣٣) العبد قبل قضاء السيد لدينه كان صاحب الدين مخيراً بين طلب السيد أو العبد؛ لأن السيد كالضامن عليه، وأيهما سلم لم يرجع


(١) لم يمض إلا سطر على قوله: فلا يلزم السيد إلا الأوفى فقط.

(٢) حيث غصب، لا حيث دلس. (é) (من هامش شرح الأزهار ٥/ ٤٥٣).

(٣) في المخطوطات: أعتق. والمثبت ما في البيان (٣/ ٢٢٧).