(فصل): في ذكر طرف من أحكام المرابحة:
  وقت بيعه رخيصاً وجب عليه تبيين ذلك للمشتري (و) كذا يجب تبيين (قِدَم عهده) إذا كان قد تقادم عهده مع البائع وكان لتقادم العهد تأثير في انتقاص ثمن ذلك الشيء وجب تبيينه، ومن ذلك تقادم نتاج البقر إذا كان ينقص القيمة، لا إذا كان يزيد في ثمنه كالخل والسليط فذلك زيادة (و) كذا إذا اشتراه بثمن مؤجل وجب عليه أن يبين للمشتري منه (تأجيله) إذ الأجل مظنة الزيادة في الثمن، ولما فيه من الرَّفَق. وهذا إذا لم يتحقق حصول الزيادة لأجل التأجيل وإنما قلنا: مظنة، لا إن تحقق فهو ربا وبيعه باطل ولا تصح المرابحة فيه. فإن باعه مرابحة بتأجيل الثمن كما اشتراه لم يجب عليه التبيين (و) يجب عليه أيضاً أن يبين (شراءه ممن يحابيه) والمحاباة شرعاً: المسامحة. وفي اللغة: الإعطاء. والمراد أنه إذا اشترى ذلك الذي يريد أن يرابح فيه ممن لا يكره له زيادة الثمن كمن ولده ووالده وشريكه وعبده كما مر - وجب عليه أن يبين أنه شراه من ذلك الشخص؛ لينظُر المشتري في الثمن أنه إنما زيد لأجل محاباة المشتري ممن(١) اشترى منه فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: (و) إذا حط البائع عن المشتري بعض الثمن أو أبرأه منه فإنه إذا أراد أن يبيعه مرابحة (يحط ما حط عنه) ذلك القدر من الثمن، ولا يجوز له أن يبيع بكل ذلك الثمن؛ لأن الحط يلحق العقد، وسواء كان الحط في مجلس العقد أم بعده (ولو) لم يحصل الحط إلا (بعد عقدها) يعني: بعد عقد المرابحة فإنه يجب حطه عن المشتري الأخير، والمراد إذا وقع الحط قبل قبض الثمن وكان بلفظ الحط أو الإبراء أو الإسقاط أو الإحلال، لا لو كان بعد قبض الثمن فأتى بلفظ فذلك تمليك لا يلحق العقد، أو كان بلفظ الهبة أو نحوها(٢) من ألفاظ التمليك ولو كان قبل قبض الثمن فإنه يرابح بالجميع، أو كان من الكل فلا يلحق العقد ولو قبل قبض الثمن، فله أن يرابح برأس المال كله وزيادة، ولا يلزمه الحط، فتأمل، والله أعلم.
(١) صوابه: لمن.
(٢) في (ج): ونحوها.