تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب السلم)

صفحة 458 - الجزء 4

  مَسْألَة: (و) من ادعى على غيره أنه زوج أمته، وقال مالكها: بل بعتها منك بثمن كذا وأنا أطلبه⁣(⁣١) منك - فكل واحد منهما مدع ومدعى عليه، أيهما بَيَّن حكم له بما ادعى، فـ (إذا قامت بينتا بيع الأمة وتزويجها استعملتا) جميعاً تنزيهاً للشهود، ويحكم بالبيع وبالتزويج.

  وحاصل الكلام في ذلك: أن نقول: إما أن يكون لأحدهما بينة دون الآخر، أو لهما جميعاً، أو لا بينة لهما، إن بين أحدهما فإما مالك الأمة بالبيع أو مدعي التزويج، إن بين المالك بالبيع استحق الثمن من المدعى عليه، والمدعى عليه نافٍ للملك⁣(⁣٢)، لكن لما حكمنا عليه بالثمن استحق الأمة عوضاً عن الثمن، فيملكها.

  إن قيل: فهل يحتاج إلى أن يطلب من الحاكم أن يقضيه الجارية عما سلم من الثمن ليملكها ظاهراً وباطناً أم لا؟ وإذا لم يحكم له الحاكم بذلك ويقضيه إياها عن الثمن فهل يملكها ظاهراً وباطناً فيجوز له الوطء؟

  [يقال: لا يحتاج إلى أن يطلب من الحاكم ذلك، بل حكمه الأول ببينة البيع كافٍ في ملكه إياها، فيحل له الوطء]⁣(⁣٣) بالملك، والله أعلم.

  وإن بين مدعي التزويج حكم له به، ويحكم بالمهر لمالك الأمة؛ لأنه لما حكم عليه بالتزويج حكم له بالمهر عوضاً عن البضع، سواء كان عيناً - وهو ظاهر - أو ديناً في ذمة المدعي للتزويج، فيسلمه لمالكها، أو يحمل أن قد سقط بإبراء أو نحوه فالظاهر عدمه، فيثبت في ذمته للمالك، وهو الأرجح، ويتأمل. ولعله إنما يحكم للمالك بالمهر مع الوطء فقط، لا مع عدمه؛ لأن المالك منكر للتزويج، فكأنه مقر بالفسخ من جهته بدعواه البيع [إلى الزوج]⁣(⁣٤).


(١) في (أ، ج): أطلب.

(٢) فالقياس أن تكون الأمة لبيت المال، لكن ... إلخ. (من شرح الأزهار ٥/ ٥٨٥).

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).

(٤) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٥/ ٥٨٥).