(باب السلم)
  فإن أقاما البينة جميعاً فإما أن يمكن استعمالهما أو(١) لا، إن أمكن استعمالهما - [وذلك] حيث يطلقان أو يضيفان إلى وقتين أو تطلق أحدهما وتؤرخ الأخرى - استعملتا جميعاً؛ حملاً للشهود على السلامة، وهما إن أطلقتا فيحمل على تقدم عقد البيع وتأخر التزويج، فيكون لغواً ويلزم للمالك الثمن فقط ولا مهر.
  وكذا إن أرختا وتقدمت بينة البيع، وكذا حيث كانت المطلقة بينة النكاح والمؤرخة بينة البيع؛ إذ تحمل المطلقة على أقرب وقت، ففي هذه الأوجه يلزم الثمن(٢) فقط؛ للحمل على تأخر عقد النكاح، وحيث تتقدم بينة عقد النكاح بتاريخه على البيع، أو تؤرخ وتطلق بينة البيع - يحكم للمالك بالثمن وبالمهر؛ لتقدم النكاح على البيع فيلزم به المهر، والبيع يبطله، فيلزم بعقد البيع الثمن، فتأمل، والله أعلم.
  (فإن) لم يمكن استعمالهما للإضافة إلى وقت واحد تكاذبتا وكأنهما لم يبينا جميعاً. وحيث لا بينة لهما فمن حلف منهما قطع دعوى صاحبه، ومن نكل حكم عليه، فإن (حلفا) جميعاً: المالك على أنه لم يزوج، والآخر أنه لم يشتر (أو نحوه) يعني: نحو حلفهما جميعاً بأن نكلا جميعاً (ثبتت) الأمة (للمالك) لها من قبل؛ لعدم تبيينِ كلّ منهما بما ادعاه ولا نحوِ البينة من النكول، فيرجع إلى الأصل، وهو بقاء الأمة في ملك مالكها، ولا بيع ولا تزويج ولا ثمن ولا مهر، إلا أن يكون قد دخل بها لزمه المهر. ولا يقال: إذا نكلا فقد أقر كل منهما بما ادعاه الآخر؛ لرد كل منهما لإقرار صاحبه، فافهم، والله أعلم.
  فَرْعٌ: فإن كان الدعوى على العكس، فادعى مالك الأمة التزويج لها من ذلك الشخص، وادعى ذلك الشخص أنه شراها منه - فأيهما بيَّن حكم له، فإن بين مدعي الشراء حكم له بها، و لزمه الثمن لمالكها، سواء كان نقداً وهو قدر قيمة الأمة أو أكثر، أو عيناً، أو ديناً في ذمة المبين بالشراء من حب أو نحوه، ولا يقال: مالك الأمة
(١) في (ج): «أم».
(٢) في المخطوطات: تلزم اليمين. والصواب ما أثبتناه.