(باب السلم)
  اختلفا في شيء منها (قبل تسليم المبيع) لأن له قبل ذلك حق الحبس، فلا يلزمه تسليم المبيع إلا بما ادعاه، ويلزم المشتري ما يقول، إلا أن يبين على خلاف ما ادعاه البائع أو نكل البائع عن اليمين الأصلية، لا إن لم يبين ولا غيره فإنه يسلم ما ادعاه البائع، وسواء كان هو الطالب لتسليم المبيع أو هو [البائع] الذي طلب تسليم الثمن.
  (لا) إذا اختلفا في القدر [أو الجنس] أو النوع أو الصفة أو العين أيضاً (بعده) يعني: بعد أن قبض المشتري المبيع بإذن البائع (فللمشتري) يعني: فالقول للمشتري في ذلك كله، وسواء كان المبيع قد تلف في يد المشتري حساً أو حكماً أو خرج عن يده أو كان باقياً بحاله في يد المشتري، وسواء كان الاختلاف في القدر أو في غيره من هذه الأمور، إلا أن يدعي ما فيه غبن على البائع ظاهر - وهو أن يكون زائداً على ما يتغابن(١) به في العادة - فالقول للبائع؛ إذ قد ادعى المشتري خلاف الظاهر هذا(٢).
  فإن كان قد سلم البائع بعض المبيع وبقي بعضه في يده فإن لم تكن متميزة أثمان ما قبض مما بقي - فالقول للبائع في ذلك كما لو لم يكن قد سلم من المبيع شيئاً، وإن تميزت الأثمان بأن كان المبيع مثلاً حيوانين وتصادقا أن ثمن كل واحد على حدته فالقول للبائع فيما بقي في يده، وللمشتري فيما قد قبض، والله أعلم.
  فَرْعٌ: فإذا اختلفا في قدر رأس مال السلم قبل افتراقهما فالبينة على مدعي الزيادة؛ لأن العقد قد صار لازماً لهما ولو كان موقوفاً على تمام الشروط قبل الافتراق، وإن بينا معاً حكم للمسلم إليه بما ادعاه من رأس المال، وللمسلم بما ادعاه من المسلم فيه.
  وصورة ذلك: أن يقول المسلم: «أسلمت إليك ديناراً في كر حنطة»، وقال المسلم إليه: «بل أسلمت إليَّ مائة درهم في كر حنطة»، وبينا معاً - فإنه يحكم للمسلم إليه بما ادعاه؛ لأنه نافٍ للثمن الآخر. ويحمل ذلك على عقدين، ووجهه [أن رأس المال](٣) إذا كان مختلفاً في القدر فهما سلمان متغايران.
(١) في (ج): «يتعامل».
(٢) لعلها: هنا.
(٣) ما بين المعقوفين من هامش البيان (٣/ ٢٩١) نقلاً عن البستان.