تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يجوز للمشتري فعله في المبيع، وما على كل واحد منهما للآخر:

صفحة 534 - الجزء 4

  لأجلها شيئاً، وقد عرفت مما مر. وصورة ذلك: أن تباع أرض فيها أشجار مثمرة وقت العقد، والشافع جار لها، ولم يشفع إلا وقد فصلت الثمرة - فإنها تقوَّم الأرض مع الأشجار مثمرة وغير مثمرة، فما بينهما فهو التفاوت، فإن كان التفاوت هو ثلث القيمة يوم العقد حط المشتري ثلث الثمن ونحو ذلك. وكذا لو كانت الفوائد زرعاً في الأرض وقد ظهر حال البيع ولم يحكم بالشفعة إلا وقد فصل، فتقوَّم الأرض كذلك مزروعة وغير مزروعة، فما بينهما فهو قيمة الزرع، فيحط من الثمن بحصته كما عرفت. وهذا حيث يكون البذر غير مملوك أو مملوكاً يتسامح به؛ لأنه من جملة الحقوق في الأرض، وإن كان لا يتسامح به فإن كان ملكاً للمشتري فهو له، وإن كان للبائع فالزرع له، فإن أدخل في المبيع وكان مجهولاً، أو معلوماً وقد تسارع إليه الفساد - فسد البيع وامتنعت الشفعة، وإن كان معلوماً ولم يتسارع إليه الفساد كان البذر للمشتري، ويحط بقدر حصته من الثمن، والله أعلم.

  واعلم أنه لا يقوم الزرع أو الثمر منفرداً؛ لأنه لا يباع منفرداً، إلا إذا كان قد أدرك عند البيع قوّم منفرداً. وكذا في الأشجار التي في الأرض ما كان [منها] يباع منفرداً قوّم منفرداً، وما كان منها لا يباع إلا مع الأرض قوِّم معها، فتأمل.

  قوله ¦: (وكذا) يحط المشتري من الثمن (في كل ما نقص) من المبيع وهو في يده أو يد غيره وكان نقصانه (بفعله) كأن يستهلك بعض المبيع فإنه يحط من الثمن بقدر ما قد استهلك من المبيع. هذا إن كان النقصان في المبيع في عينه، لا في صفته كعور الدابة ونحوها ولو بفعل المشتري فإن ذلك لا يوجب حطاً من الثمن، وإنما يخير الشفيع بين أخذ المبيع بكل الثمن أو يترك.

  ومثال نقص العين: أن يشتري داراً فيستهلك بعض أبوابها، أو نخلاً فقطع بعضها، أو أشجاراً مثمرة فاستهلك بعض ثمرها، أو نحو ذلك، وتبطل الشفعة فيما قد ذهب، وكذا فيما أخذ من الأبواب ونحوها وإن لم يكن قد ذهب فتبطل الشفعة فيه إن كان الشفيع جاراً، لا إن كان خليطاً فلا تبطل، وهو ظاهر؛ إذ هو مشارك في كل جزء من الدار، ولو قد نقلت الأبواب ونحوها، فنقول: إذا كان الثمن مائة وأخذ