(باب النجاسات)
  الناس؛ حيث يسكر لتغيره؛ لقوله تعالى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة: ٩٠] وقوله ÷ لأبي هريرة وقد انتقع تمراً وقد ارتفع نشيشه: «ثم اضرب به» فقال لصاحبه: «اضرب به هذا الحائط» فانكسر الإناء وأراقه، ولما روي أن أبا طلحة سأل النبي ÷ عن أيتام ورثوا خمراً، فقال: «أهرقها» فقال: أَوَأَجعلها خلاً؟ فقال ÷: «لا». وسواء كان ذلك المخامر للعقل من عنب أو تمر أو حنطة، أو من أي الأشجار أو الحبوب؛ وما كان مما عدا الشجرتين يسمى مزراً(١)، وإذا خامر فإنه خمرٌ نجسٌ، وسواء قصد به أن يجعل خمراً من أول الأمر أو غيرَه كخل أو نقيع أو نحوهما ثم صار خمراً - فإنه نجس (وإن طبخ) بالنار أو عولج بغيرها حتى ذهب إسكاره فإنه لا يطهر بتلك المعالجة من الطبخ أو غيره، وسواء ذهب ثلثاه بالطبخ له أم لا.
  فَرْعٌ: وما تغير من العنب في أصوله حتى صار بحيث يخامر العقل لو أكل منه فإنه يحرم أكله؛ لإسكاره؛ ولا ينجس ما جاوره من سائر العنب غيرِ المسكر، وكذا الثياب وغيرها لو لامسته فإنها لا تنجس ولو لم تُلجئ الضرورة إلى ملامسته بل ذلك في حال السعة، وكذا لو لامس شيئاً بعد قطفه؛ وأما إذا صار مخامراً للعقل بسبب نقر الطير له - ولعله حيث أسكر بذلك - فهو كالمعالج فيكون نجسًا، وكما لو قطف فأسكر بالقطف فلعله يكون نجساً هنا، لا إذا كان مسكراً من قبل القطف فطاهر ولو بعد قطفه، فتأمل.
  ولما كان من المسكر ما هو خلقي لا بمعالجة وليس بنجس استثناه الإمام ¦ بقوله: (إلا الحشيشة والبنج ونحوهما) وهو كل مسكر من أصل خلقه - فإنه طاهر لا ينجس ما لاقاه، وتصح الصلاة مع حمل المصلي له، وذلك كالجوز الهندي والقريط، وهو الأفيون الذي يخرج من شبه الخشخاش(٢) بعد أن تفتح جوانب
(١) المزر - بكسر الميم، وجمعها: أمزار -: ما كان من سائر الحبوب. (نهاية).
(٢) الخشخاش: نبت منه الأبيض والأسود. (المحيط في اللغة). وقال في مختار الصحاح: نبت يستخرج منه الأفيون.