تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب إجارة الآدميين)

صفحة 624 - الجزء 4

  (إلا من) الأمر (الغالب) فإنه لا يضمن ما تلف به، والأمر الغالب: هو ما لا يمكن دفعه مع المعاينة ولا الاحتراز منه قبل حصوله مع العلم به أو الظن، وذلك كالموت والحريق العام والسلطان الجائر واللصوص المتغلبين، فلا يضمن ما تلف بذلك، لا السرق والنسيان والإباق وفريسة الذئب في [حال] الغفلة فإنه يضمن ما تلف بأحدها؛ لأنه يمكن الاحتراز منها حال المعاينة، بمعنى: لو كان حاضراً الأجير عند افتراس الذئب أو عند السرقة أو عند إباق العبد لاحترز منه ولم تتلف تلك العين به. وقولنا: «ولا الاحتراز منه قبل حصوله مع العلم به أو الظن» ما يأخذه الظالم فإنه يضمن؛ لأنه كان يمكن الاحتراز منه قبل حصوله، وذلك بنقله إلى محل آخر يسلم فيه من الظالم، فإذا علم أخذ الظالم أو ظنه ولم يحترز [بعد ذلك]⁣(⁣١) حتى أخذه الظالم ضمنه، لا إن لم يعلم ولا ظن أن الظالم يأتي لأخذ تلك العين لم يضمن. وكذا يضمن لسع الحرشات؛ لأنه يمكن دفعها حال المعاينة، وكذا ما تعثر به أو سقط من يده أو من فوق رأسه، وكذا ما تلف بصدم الغنم أو نحوها بعضها بعضاً، وكذا سقوط الدابة وترديها وتعثرها حتى صدمت حجراً أو نحوه⁣(⁣٢) فإنه يضمن ما تلف من ذلك ونحوه مما كان يمكنه⁣(⁣٣) أن يحترز منه لو حضر عنده، ما لم تجرِ العادة بعدم الحفظ منه فلا يضمن. وما غصب عليه بغير غالب لزمه استفداؤه بغير مجحف، وما غُصب بغالب لم يلزمه ضمانه⁣(⁣٤). وكذا يضمن لو انقطع حبل الرحل فانكسر المحمول إن كانت له حيلة لو فعلها لأسلمه⁣(⁣٥)، سواء ترك الحيلة لجهله أو لتقصيره، وهذا مع علمه أو ظنه بالأمر المخوف ليحترز منه كالظالم ونحوه، والله أعلم.

  وحيث يمكنه حفظ البعض دون البعض فإنه يضمن قيمة الأقل مما يمكنه حفظه


(١) في (ج): «بذلك».

(٢) في (ج): «نحوها».

(٣) في (ج): «يمكن».

(٤) لفظ البيان (٣/ ٤٤٢): لم يلزمه استفداؤه.

(٥) في (ج): «أسلمه».