(باب إجارة الآدميين)
  الثالث: أن يعنت عن سراية، لا عن مباشرة فيضمنه، والمباشرة أن يفعل ما لا يفعله غيره، فإذا كان فعله المعتاد لم يضمن ولو سرى إلى التلف في المآل أو في الحال أيضاً مباشرة فإنه لا يضمنه. وإن كان فعل الطبيب ونحوه بغير إذن العليل الكبير وولي الصغير ضمن بكل حال، فحيث يمتنع العليل لم يجز ذلك وإن اقتضى العقل حسن ذلك؛ لأنه مخالف للشرع حيث يكون بغير أمر(١) ولو خشي تلفه، ولا يقاس على إنقاذ الغريق؛ لأنه يعلم حياة الغريق بالإنقاذ، بخلاف العليل، والله أعلم. وكذا إن ختن الصبي بغير إذن وليه فيضمن الخاتن، ويكون أرش باضعة، والله أعلم.
  فَرْعٌ: فإن كان الطبيب ونحوه عبداً كان ما لزمه من(٢) الضمان في رقبته ضمان معاملة إن كان مأذوناً له ولو جنى عمداً، وإن كان غير مأذون له كان الضمان في ذمته متى عتق ولو جنى عمداً ولو جهل المستأجر له كونه عبداً، إلا أن يحصل منه إيهام بأنه حرٍ أو بأنه مأذون كان الضمان في رقبته ضمان جناية، إلا حيث يكون غير مأذون وقد فعل المعتاد بإذن العليل فإنه لا يضمن، والله أعلم.
  مَسْألَة: ويجب على الأب وكذا سائر الأولياء أن يأمر الطبيب الحاذق البصير أن يقطع مثانة الصبي لإخراج الحصاة، ويستحق الطبيب أجرة المثل مطلقاً بريء الصبي أم لا، وقيمة الأدوية؛ لأنها إجارة فاسدة.
  وحاصل المسألة أنه لا يخلو: إما أن تكون الأدوية من الطبيب أو من الأب، ثم إن كانت من الطبيب(٣) فلا بد أن تكون معلومة وفي ملكه؛ لأنها تكون مبيعة، ولا بد في صحة الإجارة أن يذكر مدة معلومة ومراراً معلومة للمداواة، ويستحق الأجرة على هذه الصفة المسمى، إما بزوال العلة ولو في بعض المدة وإلا فبمضي المدة ولو لم تبرأ العلة، فإن شرط البراءة فسدت؛ لأنها غير مقدورة للأجير، وإن كانت الأدوية من الأليم فكذلك لا بد أن تكون في الملك معلومة القدر إن عينت، وللأجير المسمى
(١) في (ج): «أمره».
(٢) في (ب): «عن».
(٣) في (ج): «الأب».