(باب إجارة الآدميين)
  كان قابضاً للثوب لما أمكنه دفعها فلا يضمن، بل يأخذ المالك ثوبه ولا تخيير له ولا أجرة عليه؛ إذ قد بطل العمل، وإن كانت الريح غير غالبة بحيث لو كان حاضراً عند الثوب قابضاً لدفعه من الريح فيضمن النقص، وينظر هل غير بالصبغ إلى غرض مقصود في الناحية أم إلى غير غرض، إن كان إلى غرض خيّر المالك إما وأخذ الثوب ولا أرش سواء كان النقص يسيراً أم كثيراً، وإما وتركه للقصار ويأخذ قيمته، إما قيمته مقصوراً ويدفع له الأجرة، أو غير مقصور ولا أجرة. وإن كان التغيير إلى غير غرض بالصبغ نظر: فإن كان يسيراً - وهو النصف فما دون - أخذ المالك الثوب والأرش اليسير، وإن كان التغيير كثيراً بحيث ينقص من قيمته فوق النصف خيّر المالك إما وأخذ الثوب وأرشه الكثير، وإما وتركه للقصار وضمنه قيمته مصنوعاً وسلم له الأجرة، أو غير مصنوع ولا أجرة.
  وأما حكم الصبغ لو كان للغير وقد أخذه الثوب الذي أخذته الريح إليه فإن وضع القصار الثوب في موضع معتاد وأمسكه بالحجارة الإمساك المعتاد فلا يضمن الصبغ لمالكه، وإن كان الوضع للثوب في موضع غير معتاد للوضع أو معتاد ولم يمسكه الإمساك المعتاد ضمن قيمة الصبغ لمالكه ولو كان الصبغ موضوعاً في مكان غير معتاد.
  ومن هذا القبيل البطلان للعمل المسقط للأجرة جموح الدابة لو استأجرها شخص ليركب عليها إلى موضع، فركب عليها فوصلت إلى المقصود أو بعضه وجمحت به راجعة حتى أوصلته إلى الموضع المبتدأ منه السير، فلا يلزمه أجرة؛ لبطلان المقصود، وهو الوصول إلى ذلك المحل، لكن بشرط أن يكون الجموح لا لسوء ركوبه، وبشرط أن لا يمكنه النزول من ظهرها حال الرجوع، أما لو كان جموحها لسوء ركوبه أو أمكنه النزول لزمته الأجرة بأحدهما فقط، إما لسوء الركوب أو بإمكان النزول ولو خشي من النزول الضرر أو التلف، لكن له الفسخ في حال الركوب مع خشية التلف، ويسقط من المسمى بقدر ما يسقط من أجرة المثل، فإذا سقط لاجل العيب من أجرة المثل ما بين أجرتها معيبة وسليمة ثلث سقط من