(باب المزارعة)
  ولا بد في صحتها - يعني: المزارعة - من أن يكون البذر منهما جميعاً على حسب التحصيص أنصافاً أو أرباعاً أو نحوهما، فيسلم كل واحد من البذر بقدر ما قد شرط له من الزرع، وإلا لم تصح لو كان البذر من واحد منهما.
  مَسْألَة: وأما المباذرة - وهي تعتاد من أن مالك الأرض يأخذ من غيره البذر لها ويقسم هو والمالك الزرع على حسب الشرط - فصحيحها أن يستأجر مالك البذر من مالك الأرض نصفها بربع البذر، ويستأجره على إصلاح ذلك النصف بربع البذر، فيكمل لمالك الأرض نصف البذر: نصف أجرة ونصف كراء لنصف الأرض، وباقي الطعام لمالكه، ثم يبذر بذلك الطعام جميعه، فما حصل من الزرع كان بينهما نصفين، وتكون مباذرة صحيحة.
  هذا إذا كان العامل في الأرض الحرث وغيره هو مالكها [وأما لو كان العامل فيها الحرث وغيره هو مالك البذر فصحيحها أن يكتري(١) نصف الأرض من مالكها](٢) بالبذر جميعه، ثم يستأجره مالك الأرض على إصلاح النصف الآخر بنصف البذر(٣)، فيكون البذر بينهما والأرض بينهما، ويتبع الزرع البذر، وتكون أيضاً صحيحة.
  فإن لم تكن المباذرة على هذه الصفة - كما يعتاده أكثر أهل الزمان - فمباذرة فاسدة يكون الزرع فيها لرب البذر، ويلزمه إذا كان البذر من غير المالك أن يسلم لمالك الأرض كراءها وأجرة العمل، وإن كان البذر من مالك الأرض لزمه للعامل أجرة عمله.
  ولا بد أيضاً في صحة المزارعة أن يكون [عقدها] (مستكملاً لشروط الإجارة) من كون المدة معلومة، والأجرة معلومة، والمنفعة في الأرض معلومة إن(٤) كانت
(١) في المخطوطات: يكري. والمثبت من البيان (٣/ ٥٢٩) وهامش شرح الأزهار (٦/ ٢٩٨).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٣) ويجب قبض الحب¹؛ لأنه مبيع مع التعيين، وأما في غيره فهو ثمن يصح التصرف فيه قبل قبضه. (é) (من هامش البيان ٣/ ٥٢٩) وهامش شرح الأزهار (٦/ ٢٩٨).
(٤) في (ج): «إذا».