(باب المزارعة)
  هذا - يعني: أن الأشجار حيث تكون من غير مالك الأرض تبقى في ملكه، يعني: ملك الغارس - ما لم ينوها للمالك أو جرى عرف أنه يملكها صاحب الأرض أو يشرط أنه يملكها مالك الأرض، فأي هذه الأمور وقع صح وكانت مغارسة صحيحة ويملك الغرس مالك الأرض مهما قد جرى أحد هذه الأمور الثلاثة إما لفظ(١) أو جرى عرف أو شرط، ويكون بيعاً ضمنياً، ويلزم له قيمة الأشجار يوم وضعها.
  فإن كان الموجب للفساد غير هذا الأمر - وهو كون الغروس مملوكة للغارس - بأن كان لجهالة في الأجرة أو في العمل أو في الأرض أو في المدة أو في قدر العمل أو في قدر الغروس أو في جنسها وكانت تختلف باختلاف الأجناس - فالحاكم في هذه الأمور لأجل الفساد الناشئ من أحدها أن يلزم المعمول له أن يسلم للعامل أجرة المثل لأجل عمله، وسواء كانت من الدراهم أو من الدنانير أو غيرهما، فهي اللازمة للعامل حيث كانت المغارسة فاسدة.
  (وكذلك) تفسد الإجارة باختلال أحد هذه الشروط (فيما أشبهها) من الإجارة، نحو الاستئجار على عمارة دار أو نحوها أو عمل آلة للحرث ونحوها، فإن ما هذا حاله يجب أن يستكمل الشروط المذكورة، من أنه لا بد أن تكون الأجرة معلومة والعمل معاً، والمؤنة التي يعمل بها من المستأجر مملوكة له لا من العامل (إلا ما خصه الإجماع) من المسلمين في بعض المحقرات كون المؤنة المعمول بها من العامل، فتكون الإجارة صحيحة ولو كانت المؤنة من العامل؛ للعادة، وذلك نحو الصبغ للثوب، والخيط في خياطة الثوب، والمداد من النساخ، والحضية للثوب فتكون خيوطها من العامل، وكذلك ما تقدم، ولا تفسد بكون مؤنة العمل من العامل.
  (وما وضع) من الأشياء في ملك الغير من دون إذن مالك الموضوع فيه، بل (بتعدٍ) من الواضع (من غرس أو غيره) من متاع وبناء وبذر وميزاب ونحوهما
(١) صوابه: نية.