(فصل): في بيان ما يثبت به التحجر وما حكم المتحجر بالفتح:
  مضرباً عنها، لا إن خرج ويعود في سرعة أو بطء لقضاء حاجة ويعود بعد فراغها فهو أولى بذلك المكان من غيره؛ ومن هذا القبيل أمكنة مشائخ العلم في المساجد المعتادة له في وقت معروف للتدريس فيها فهو أولى بها من غيره في ذلك الوقت المعلوم له في كل يوم، ولا تخرج عن حقه في مدة اشتغاله عن التدريس كما لو ذهب إلى أرض أخرى لكسب معيشة أو نحو ذلك فمتى عاد إلى ذلك المحل فهو أولى بها ولو كان قد أبطأ عنها.
  فَرْعٌ: يتفرع من قولنا: «لا يصح الاستئجار في الإحياء»، وهو: أنه لو أكره(١) على الإحياء ملك المحيا المكرَه، وهو المأمور، لا المكرِه، وهو الآمر؛ لأن الأمر كلا أمر في باب الإحياء، وكذا لو كان المأمور مكرَهاً عبداً كان المحيا لسيده لا للآمر له، وتلزم الأجرة للعبد على المكرِه له، بل على الآمر له ولو كان العبد مطاوعاً؛ لأن العمل قد صار لمثله أجرة، وهو غير معتاد للاستخدام فيه من دون أجرة، فتلزم الأجرة مطلقاً سواء كان العبد راضياً أم مكرَهاً، وتلزم أيضاً الأجرة للحر المكره على العمل، فيملك ما أكره عليه وتلزم له الأجرة، لكن ليس كالعبد فلا تلزم الأجرة للحر إلا إذا كان مكرَهاً.
  فَرْعٌ: ومن الإحياء الوقر في الصفا، فيثبت به ملك، لا حق.
(فصل): في بيان ما يثبت به التحجر وما حكم المتحجَر بالفتح:
  (و) يثبت (التحجر بضرب الأعلام في الجوانب) جوانب المتحجر، فإذا ضرب الأعلام في جوانب الأرض المباحة ثبت له الحق فيها بذلك، إما نصب أحجار، أو اتخاذ حفير لا يبلغ إلى حد الإحياء، وهو أن يكون غير مانع من الدخول والخروج، أو يربط أغصان الشجر بعضها إلى بعض بحيث لا تكون متصلة، أما لو ربطها بحيث تكون متصلة كان إحياء، أو يجعل أعلاماً في جوانبها من نورة أو جص أو نحو ذلك قاصداً بأي هذه الأمور التحجر(٢) ثبت الحق ولو كان المتحجَر فوق طاقة
(١) في المخطوطات: أكرهه.
(٢) هل يشترط قصد التحجر أو يكفي قصد الفعل؟