(باب الإحياء والتحجر)
  للمتحجِر الأول ولا يبطل الحق، وصح هنا الاستنابة في الإحياء لما قد ثبت الحق في المتحجر المحيا(١) له، وهو تقدم تحجره له، ويؤخذ من هذا جواز الاستئجار على إطلاع المياه المباحة من الآبار المملوكة، ويكون الماء لمالك البئر ولو كان مباحاً؛ لما قد ثبت الحق، وهو الملك للبئر.
  (ولا) يبطل الحق أيضاً من المتحجَر (بإحيائه) إحياء (غصباً) فمن أحيا متحجر غيره عالماً أو جاهلاً لم يزل حق المتحجر الأول بالإحياء الثاني، ولا يكون الإحياء الثاني إحياء للمتحجر الأول، بل إذا أراد المتحجر الأول إحياءه فلا بد من إحياء غير إحياء الغاصب، ولا يعتد بإحياء الغاصب.
  (قيل) هذا القول للقاضي زيد: (والكراء) اللازم للغاصب لأجل غصبه متحجر غيره واستعماله(٢) يكون الكراء (لبيت المال) لا للمتحجر الأول، وقد أشار الإمام # إلى ضعفه بقوله: «قيل»، ووجهه أن بيت المال غير مالك، والأولى أنه لا كراء يلزم الغاصب لأحد، بل يكون الزرع له، ولا يلزمه كراء للمتحجر الأول؛ لكونه لم يثبت له إلا حق في الأرض فقط، وتأجيرُ الحق لا يصح، فلا يلزم له أجرة، ولا لبيت المال؛ لأنه غير مالك، وهذا هو الصحيح.
  ويجوز لصاحب الحق الأول أن يقلع(٣) زرع الغاصب وكل ما فعل في الأرض المتحجرة من بناء وغرس وغير ذلك.
  (والشجر) الذي لا ينبت في العادة (النابت فيه) يعني: في الأرض المتحجرة من بعد التحجر(٤) كان نباته (وفي غيره) يعني: في غير المتحجر من سائر الأملاك، فالشجر إذا كان على هذا الوجه نباته، بأن كان لا ينبت في العادة وحصل في المتحجر من بعد التحجر أو حصل في الأرض المملوكة ملكاً يكون (كلأٌ) يعني: من سبق إليه
(١) في المخطوطات: المحيا. وما أثبتناه الصواب.
(٢) في المخطوطات: واشتماله. ولعل ما أثتبناه الصواب.
(٣) في المخطوطات: يصلح. وما أثبتناه الصواب.
(٤) في المخطوطات: الإحياء. وما أثبتناه الصواب.