(فصل): [في شروط المضاربة]
  تراخيه عن القبول (ما لم يرد) الإيجاب؛ بأن يقول المطلوب منه القبول للموجب: «رددت إيجابك»، أو يرجع الموجب عن الإيجاب [قبل القبول]؛ بأن يقول بعد أن أوجب: «رجعت عن الإيجاب»، فإذا وقع بعد العقد(١) رد من القابل أو رجوع من الموجب بطل الإيجاب؛ فلا يصح القبول بعد ذلك(٢) ولو كانا باقيين في مجلس العقد، وكذا لو امتنع من العمل(٣) من دون رد للإيجاب فالامتناع من العمل إذا جرى عرف بأنه رد للإيجاب كان رداً فيبطل الإيجاب، وإن لم يجر عرف بأنه رد لم يكن رداً وبقي الإيجاب بحاله.
  الشرط الثاني: أن تكون المضاربة (بين جائزي التصرف) بأن يكونا بالغين عاقلين، حرين، أو عبدين مأذونين، أو صبيين كذلك مأذونين، غير محجور مال المضارب بماله من لدى(٤) حاكم، فإن كانا غير جائزي التصرف لأي هذه الأمور لم تكن المضاربة صحيحة، وكذا لو كان محجوراً مال المضارب بماله كان موقوفاً على إجازة الحاكم، وأما العامل - وهو الذي يتجر في مال المضاربة - فلا يشترط أن يكون ماله غير محجور، بل يصح أن يضارب ولو محجوراً من جهة الحاكم.
  وأما بيان المضاربة فهو أن يقع [العقد](٥) (على مال من أيهما) يعني: من أي المضاربين، وسواء كانا مسلمين معاً، أو ذميين معاً، أو ذمياً ومسلماً والمال من الذمي، أما لو كان المال من المسلم للذمي لم يصح، وهو معنى قول الإمام: (إلا من مسلم لكافر) فلا تصح المضاربة؛ إذ لا يؤمن الذمي أن يتجر للمسلم في خمر أو غيره مما لا يستجيزه المسلم، ولو حجره المالك عن التصرف في ذلك؛ إذ لا يؤمن أن لا يمتثل الحجر، فتكون المضاربة فاسدة إذا كان المال من المسلم للذمي، وتصح باقي الصور:
(١) صوابه: بعد الإيجاب.
(٢) إلا أن يعاد الإيجاب.
(٣) كان الأولى البدء بالامتناع من القبول.
(٤) جر لدى ممتنع كما في المغني (١/ ١٥٦).
(٥) ما بين المعقوفين من التاج (٣/ ١٥٠). ولفظ شرح الأزهار (٦/ ٣٣٧): الشرط الثاني: أن يقع العقد بين شخصين في حال كونهما جائزي التصرف لا محجورين من صبي أو عبد، وأن يكون على مال ... إلخ.