(باب المضاربة)
  نصفين(١)، وحيث شرط درهم لأحدهما قد لا يحصل إلا هو فيستبد به المشروط له ويبقى الآخر بلا ربح، أما لو قال: أن يكون الربح للمالك فقط أو للعامل فقط صح كما تقدم قريباً، ويكون العامل أميناً حيث الربح للمالك، ولا أجرة له؛ لأنه متبرع، أو يكون مستقرضاً حيث يكون الربح له.
  ومن الشروط المفسدة أن يقول العامل: «وأستنفق من مال المضاربة وإن كنت مقيماً»، فهذا يقتضي مخالفة موجبها؛ لأن موجبها أن لا يأكل إلا في حال السفر من مال المضاربة فقط، أو يقول: «أنفق على العبد فلان»، وذلك العبد غير عامل في مال المضاربة بالتجارة فكذا أيضاً، أو شرط أن يكون الخسر إذا حصل عليهما، فإن موجبها أن يكون الخسر على المالك، فإن شرط أن يكون عليهما فقد خولف(٢) موجبها، أو يشرط عليه أن لا يبيع إلا من فلان، فهذا يقتضي أن لا يبيع شيئاً؛ لتجويز أن يموت ذلك الفلان أو يمتنع من الشراء، فقد خولف موجبها بذلك، وهو البيع، فهذه الأمور يشترط في صحة المضاربة رفضها، فإن ذكر شيء منها فسدت المضاربة. أما لو قال له: «على أن يكون لي نصف ما في يدك من الربح ونصف جميع الربح» فإن جرى عرف أن المراد أن يأخذ المالك نصفاً من الربح ثم نصف النصف فقط صح ذلك الشرط، ولا تفسد المضاربة بذلك حيث قصدا ذلك، فإن لم يجر عرف بما ذكر من أن المراد نصف جميع الربح ثم نصف النصف فيكون أرباعاً: ثلاثة أرباع للمالك، وربع للعامل فحيث لم يجر عرف كذلك فسدت المضاربة؛ إذ يؤدي إلى أن كل ما صار في يد العامل من الربح أخذ المالك نصفه على حسب الشرط حتى يستغرق جميع ما في يد العامل من الربح، فيستبد المالك بالربح دون العامل، وهذا خلاف موجبها؛ إذ موجبها أن يكون الربح بينهما، وكذا لو جرى عرف أن المراد القسمة أرباعاً لكن لم يقصدا ذلك، بل قصدا أخذ نصف كل ما صار في يد العامل فسدت، ولا فائدة في
(١) الأولى حذف «نصفين».
(٢) في (ج): «خالف».