(باب المضاربة)
  ويتفرع من قولنا أولاً: «يعطى صاحب الأكثر المتيقن عليه وصاحب الأقل المتيقن عليه ويقسم الباقي» فرع: فلو كان لرجل غنم مائة وزيادة غير معلومة، ولرجل خمسون وزيادة غير معلومة - أعطي صاحب الأكثر المائة وصاحب الأقل الخمسون ويقسم الباقي بينهما.
  تنبيه: لو كان الملتبس أمتين لرجلين فالحكم ما تقدم من أنهما يقسمان نصفين ويبين مدعي الزيادة والفضل، فإن تراضيا أن يأخذ كل واحد واحدة صح ذلك وكانت القسمة بينهما مملكة، ويجوز لكل واحد الوط لما قد صار في نوبته من الأمتين ولو كانت في علم الله أنها نصيب الآخر؛ لما قلنا من أن القسمة مملكة، فلو كانت إحداهما أم ولد والأخرى قنّاً فلا تجوز القسمة في هذه الصورة؛ إذ يجوز أن تصير أم الولد قناً لو خرجت في نوبة مالك القن، فالحكم أن تبقى الأمتان مشتركتين بين المالكين، كسبُهما لهما ونفقتهما عليهما حتى يموت المستولد إن كان معلوماً ويعتقان معاً، ويسعيان بالأقل من قيمتهما للآخر غير المستولد، فإن كان المستولد مجهولاً عتقا بموت أحدهما كذلك ويسعيان بالأقل.
  (إلا) إذا كان المختلط (ملكاً بوقف) فلا يقسم كما في الوقفين والحرين، بل يصيران جميعاً لبيت المال وينقض الوقف ولو كان صاحب الملك للحر هو الموقوف عليه؛ لأنا لو جوزنا القسمة لأدى إلى أنه قد يصير الوقف حراً لو صار في نوبة صاحب الحر، فتمتنع القسمة ويصيران للمصالح.
  (قيل) هذا القول للفقيه حسن، ومعناه: (أو) كان المختلط (وقفين) أحدهما (لآدمي و) الآخر (لله تعالى) فإنه يكون الحكم كما لو كانا وقفاً وحراً (فيصيران) الوقفان والوقف والحر على أصلنا (للمصالح) مصالح المسلمين (رقبة الأول) وهو الملك والوقف (وغلة الثاني) وهما الوقفان، هذا رأي الفقيه حسن، والصحيح ما تقدم في الوقف والحر فقط، فإن كان الالتباس في الغلل صارت الغلل لبيت المال، وإن كانت ملتبسة الأراضي كانت الأراضي لبيت المال، وأما إذا كانا وقفين قسم بينهما سواء كانت الملتبسة الغلة أو الرقبة.