تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان شروط صحة الصلاة

صفحة 279 - الجزء 1

  ولا يؤم من هو أكمل منه، ويكون الريق في موضعه طاهرًا لأجل الضرورة كسلس البول، فإن تعدى الريق إلى ثوب أو نحوه فنجس، والذي يعفى منه ما أدرك باللمس لا بالطرف؛ لأنه كالميتة، ولا يفطر به لو ابتلعه لو كان صائماً. هذا ما لم يغمرها اللحم، فإن غمرها صح أن يؤم غيره ولو مَن لم يكن مثله؛ إذ هو كالنجاسة الباطنة. وكذا ما له حرمة، كشعر اللحية والرأس فلا تجب إزالته لو تنجس⁣(⁣١) ولم يمكن إزالة النجاسة منه، وكذا غيره من سائر شعر البدن كالذي يخشى منه الضرر لو أزاله.

  ومن أكل نجساً أو حراماً أو شربه استحب له أن يتقيأه للصلاة ولغيرها، ولا يجب.

  الشرط (الثاني: ستر جميع العورة) لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}⁣[الأعراف: ٣١] وأقل الزينة ما يستر العورة، ولقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ٤}⁣[المدثر] وهي إنما تطهر للّبس، والعورة أولى من غيرها، ولقوله ÷: «إذا صلى أحدكم فليستتر بثوبه».

  وهو لا يعفى عن شيء من العورة عندنا، فيجب سترها كلها، وسيأتي تحديدها.

  ويجب أن يستر جميع العورة (في جميعها) يعني: في جميع الصلاة، فلو انكشف شيء من عورته في أيّ حالات الصلاة بَطلت صلاته ولو ستره فوراً، وسواء كان كشفها قبل أن يأتي بالقدر الواجب من ذلك الركن الذي انكشفت عورته فيه أو بعد أن أدى الواجب؛ ومن ذلك لو كشفت المملوكة رأسها في حال الصلاة ثم عتقت وجب عليها الاستئناف؛ إذ قد بطلت صلاتها بكشف بعض بدنها ولو سترته فوراً، كما لو وقعت عليه نجاسة ثم زالت من حينها فإنها قد بطلت صلاته، والله أعلم.

  وكيفية الستر الواجب في الصلاة قد نبّه الإمام ¦ بقوله: (حتى لا ترى إلا بتكلف⁣(⁣٢)) سواء كان الرائي هو أو غيرُه، فيشتمل بثوبه على عورته بحيث يقدر


(١) ولو لم يضره قطعه؛ لأن له حرمة. (شرح بتصرف).

(٢) تحقيقًا أو تقديرًا. (é). (شرح).