(باب شركة الأملاك)
  وضابطه: كل ما احتاجت إليه أو يظن حاجتها إليه في المستقبل من بناء أو إلقاء شيء منها إليه أو توسيعه لخشية الانهدام فهو حريم لها، وكذلك ما يخشى على العين أو البئر أو المسيل منه الضرر بالإحياء في ذلك المكان، إما بحصول ضرر في الحال أو في المستقبل من نضوب ماء أو كثرة اختلاف الناس إلى ذلك حتى يضر بالعين أو البئر أو المسيل أو غير ذلك من الضرر المجوز عليها من الإحياء في ذلك المحل فإنه يمنع حريماً لها، ولا عبرة بأن تكون تلك العين جاهلية أو إسلامية أو غير ذلك، فالعبرة بما ذكرنا من أن الحريم لها ما تحتاج إليه في الحال أو في المستقبل، وما يخشى من إحيائه الضرر عليها في الحال أو في المستقبل. وأما الدار فحريمها مثل أطول جدار فيها إن كانت قد عمرت، وإن لم تكن قد عمرت فمثل أطول جدار في ذلك المحل في مثل هذه الدار التي يريد صاحبها بناءها من مثله من الأشخاص في ذلك المحل، فإن لم تكن قد عمرت هنالك رجع إلى أقرب بلد إليها. وهذا كله حيث تكون العين والبئر والمسيل والدار بحجر صاحبه في مباح، أما لو كان بين أملاك للغير قد سبق بتحجرها(١) فإنه لا يثبت لذلك حريم حيث لم يكن بإزائها موضع مباح يترك لها منه حريم، وذلك كالدور في المدن والبوادي، والآبار كذلك والمجاري كذلك في المدن فالظاهر عدم ثبوت الحريم لشيء من ذلك؛ إذ لو قلنا بثبوت حريم لشيء منها لأدى إلى استغراق أملاك المجاورين وتضييق طرق المسلمين أو إزالتها بالكلية.
  مَسْألَة: إذا كانت حافة بين ملكين أو بين دار ونهر أو بين غيرها وكل من المالكين للدار والنهر يدعي أنها حريم له فمن هو متقدم بالإحياء فهو(٢) له، فإن لم يعلم أيهما تقدم فلمن يده ثابتة عليها، فإن لم فلمن بيّن منهما، فإن لم رجع إلى التحالف والنكول،
(١) التحجر لا يثبت به الملك.
(٢) وفي البيان (٤/ ٥١) وهامش شرح الأزهار (٦/ ٤٥٦): مسألة™: وإذا كانت حافة بين نهر وأرض أو دار وادعى كل واحد أنها له فمن كانت له يد عليها فالقول قوله، وإن لم فإن علم تقدم ملك أحدهما على الثاني فهو أولى بها، وإن لم فإن كانت تكفيهما معاً [يعني: حريمين. (é)] فلهما وإن لم فالنهر أولى± بها. اهـ بحذف الخلاف في آخرها.