(فصل): في بيان شروط صحة الصلاة
  الوضوء، فيكون «الألف واللام» للعهد المتقدم ذكره، وعلى الأول للمعهود في الذهن. المختار هنا عدم صحة الصلاة بالقدر المحرم من الحرير في غير الصلاة؛ إذ هو عاص بنفس ما به أطاع، بخلاف الوضوء فالطاعة جهتها غير جهة المعصية فلا ينتقض الوضوء، وسيأتي قريباً إن شاء الله تعالى أن المشبع صفرة وحمرة كالحرير في عدم صحة الصلاة به، وكذا ما يحرم من نحو الحرير كخاتم الذهب والخاتمين من الفضة فإنها(١) لا تصح الصلاة بذلك، وهذا قد دخل في عموم كلام الإمام ¦: «وإباحة ملبوسه».
  ومن ذلك قميص المحْرِم فلا تصح الصلاة فيه، وحكمه كالنجس يجوز لخشية الضرر. فإن لم يجد المصلي ما يستر به عورته للصلاة غير الحرير فإنه يجب عليه لبسه وصحت صلاته، فإن صلى عارياً مع وجود ثوب الحرير لم تصح صلاته. وأما مَن أبيح له لبسه للضرورة الملجئة إليه كمن بجسمه حكة أو للإرهاب، أو تعذر غيره في الميل وخشي فوت الصلاة - فتصح صلاته به ولو وجد غيره، ويجوز له أن يستر جميع بدنه؛ إذ قد أبيح له، ولا يقال: لا يجوز له إلا قدر الكفاية.
  ويصلي به أول الوقت، فإن زال الوجه المبيحُ للبسه وقد صلى فلا إعادة عليه ولو كان الوقت باقياً، فإن زال في حالها خرج، فإن لم يخرج بطلت. فلو خشي خروج الوقت إن خرج، وإن لم أدركها في الوقت - خرج وصلى قضاء.
  والخنثى كالرجل في تحريم الحرير، فكذا لا تصح له به الصلاة، لا المرأة فتصح.
  مَسْألَة: ولا تصح صلاة المحْرم في الثوب المبخَّر، وكذا إن صلى في مسجد مبخر، أو بجنب من يصلي مبخرًا. وقيد للجميع: وهو أنه لا تبطل صلاته إلا إذا كان ذلك يعلق بثوبه، وإن كان لا يعلق به لكنه يشمه صحت مع الكراهة، وإن(٢) تعمد شمه أثم وصحت كما لو صلى وهو ينظر عورة غيره حيث لا يتأذى الغير بذلك، فإن تأذى
(١) في (ج): «أنها».
(٢) في (ج): «فإن».