(فصل): في بيان الهبة على غير عوض، وحكم صحة الرجوع فيها، وما يتفرع على ذلك:
  (و) الحكم الثاني: عدم صحة التصرف في الموهوب على عوض مضمر إلا بعد القبض.
  والحكم الثالث: الرجوع على الواهب بما غرم الموهوب له على العين من بناء أو غيره؛ إذ يبطل الإحسان بالتغرير المؤدي إلى التغريم.
  (وما وهب لله تعالى ولعوض) كـ: وهبت لك هذه الدار لله ولمائة درهم (فللعوض) فلا بد أن يكون القبول مطابقاً للعوض، كقبلت فقط، أو قبلت لله وللعوض، أو قبلت للعوض، لا «قبلت لله» فلا يملك؛ لعدم رضا الواهب بخروج الهبة عن ملكه إلا بعوض. فلو قال الواهب: «وهبت لك بعضه بعوض وبعضه لله تعالى» فلا يصح؛ لعدم العلم بقدر البعض، لا إن قال: «نصفه لكذا ونصفه لكذا» صح؛ لتمييزه.
  نعم، لو تقدم السؤال من المتهب بقوله: «هب لي هذا لله وللعوض»، فقال الواهب: «وهبت، أو: وهبت لله وللعوض، أو وهبت للعوض» - صحت الهبة إن قبل المتهب(١)، فإن قال: «وهبت لله» لم يصح؛ لعدم المطابقة، إلا أن يقبل الموهوب له.
  (وليس على) الواهب (الراجع) عن الهبة (ما أنفقه المتهب) على العبد الموهوب والدابة الموهوبة، فلا يرجع الموهوب بما أنفق على الواهب إذا رجع عن الهبة؛ لأنه أنفق حال الإنفاق على ملكه، وكذا كل غرامة لم توجب زيادة في الموهوب لا يرجع بها، وسواء كانت الغرامة للبقاء أو للنماء كعمارة الأرض بالسقي والحرث، ولا يمنع الرجوع عن الهبة؛ إذ هي زيادة معان كما سيمر بك قريباً إن شاء الله تعالى.
(فصل): في بيان الهبة على غير عوض، وحكم صحة الرجوع فيها، وما يتفرع على ذلك:
  قال #: (و) إذا وقعت الهبة (بلا عوض) شرطه الواهب ولا أضمره (فيصح) للواهب (الرجوع) فيها مع الكراهة في ذلك، ولا يثبت له الرجوع إلا بشروط ستة:
  الأول: أن يقع الرجوع (مع بقائهما) يعني: مع بقاء الواهب والمتهب المالكين، لا
(١) لأنه هنا لا يصح بالمستقبل، فلا بد من القبول ولا يكفي تقدم السؤال، وقد تقدم قريباً. (من هامش ب).