(فصل): في بيان الهبة على غير عوض، وحكم صحة الرجوع فيها، وما يتفرع على ذلك:
  مَسْألَة: في أحكام الإباحة أينما وردت، وهو أنها تصح في المجهول، ويصح وقوفها على الشرط، ويصح الرجوع عنها، وتبطل بموت المباح له، وبموت المبيح أيضاً إذا كانت مطلقة، فإن كانت مؤبدة أو مقيدة لم تبطل بموت المبيح، بل تكون بعد موته وصية من الثلث.
  (و) إذا رد المتهب الهبة للواهب بعد الإيجاب والقبول كان (ردها) بلفظ الرد (فسخ) للهبة لا تمليك جديد للواهب، وإذا قلنا: إن الرد فسخ - لم تلحق الإجازة فيه لو رد فضولي وأجاز المتهب، ويصح أن يقبل الواهب الرد ولو في غير مجلس الرد، ولا يصح الرجوع عن الرد من المتهب قبل أن يقبل الواهب، ويصح في المجهول، ويصح(١) تعليقه بالشروط المستقبلة التي تبطل العقود، هذا ما لم يجرِ العرف أن لفظ الرد تمليك يتعامل به في المحل، فإن جرى عرف كذلك كان لفظ الرد تمليكاً بحسب العرف ويثبت فيه عكس هذه الأحكام المتقدمة، من اشتراط القبول في المجلس، وصحة الرجوع عن الإيجاب قبل القبول، وعدم صحته في المجهول، ولحوق الإجازة، وتبطله الشروط المستقبلة.
  وهنا حاصل في لفظ الرد: وهو أن نقول: إما أن يصدر لفظ الرد ابتداءً من مالك للعين لشخص آخر فقال: رددت لك هذه العين، أو يقع الرد بعد عقد تقدمه، إن صدر لفظ الرد ابتداء من غير تقدم عقد: فإن جرى عرف أن اللفظ(٢) تمليك من بيع أو هبة أو نحو ذلك كان تمليكاً بمقتضى العرف وتتبعه أحكام التمليك، وإن لم يجر عرف أنه تمليك في شيء كانت العين باقية في ملك صاحبها، فإن صارت إلى يد المردود له لم تكن أيضاً في يده إباحة، بل يلزمه الرد ولا يجوز له الانتفاع، إلا أن يرضى صاحبها ببقائها لديه بقيت، إلا أن يجري عرف أن لفظ الرد إباحة كانت إباحة. وإن وقع لفظ الرد بين شخصين قد تقدم بينهما في العين المردودة عقد: فإن كان ذلك العقد لا يصح
(١) في (ج): ولا يصح. وهو خطأ.
(٢) في (ج): «لفظ الرد».