تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في أحكام الصدقة:

صفحة 156 - الجزء 5

(فصل): في أحكام الصدقة:

  (و) اعلم أن (الصدقة) في الحكم (كالهبة) في جميع الأحكام من تكليف المتصدق وتمييز الصدقة بما يميز المبيع⁣(⁣١) وغير ذلك من أحكام البيع (إلا) في أربعة أحكام فإن الصدقة تخالف الهبة فيها:

  الأول: (في نيابة القبض عن القبول) في الصدقة، لا في الهبة فلا بد من القبول، فإذا قال: «خذ هذا صدقة» فقبضه كان القبض كافياً، ولا بد أن يقبض في مجلس الإيجاب⁣(⁣٢)؛ لأن القبض نائب عن القبول فيشترط أن يكون في محله. ويغني الإقباض بعد تقدم السؤال من المتصدق عليه؛ لجري عادة المسلمين بذلك، ولقوله ÷: «ما تصدقت فأمضيت» والإمضاء الإقباض، فإذا قال: «تصدق عليّ بها» فأقبضه ملك بذلك فقط⁣(⁣٣).

  واعلم أن للمتصدق أن يرجع عن الصدقة قبل أن يقبض المتصدق عليه ذلك، كما أن له الرجوع قبل القبول في الهبة، ويغني أيضاً القبض عن القبول لو قال: «تصدقت عليك» فقال: «قبلت» كان مغنياً عن القبض، لكن ليس له التصرف إلا بعد القبض.

  ومن هذا القبيل لو قبل الصدقة فضولي وقبضها فضولي آخر عن المتصدق عليه فإن أجاز المتصدق عليه القبول صح وليس له التصرف حتى يقبض أو يجيز قبض الفضولي الآخر، وإن أجاز القبض صح ذلك وكان له التصرف بعد الإجازة للقبض؛ لأن الإجازة للصدقة والقبض معاً، وإن كان [المتولي] فضولياً واحداً في القبول والقبض وأجاز المتصدق عليه أحدهما⁣(⁣٤) رجح الأول منهما إما القبول وليس له التصرف حتى


(١) في (ب، ج): البيع.

(٢) قبل الإعراض.

(٣) هكذا في المخطوطات.

(٤) لفظ المعيار (٢٧٦، ٢٧٧) وهامش شرح الأزهار (٧/ ١٣٩) نقلاً عن المعيار: فإن كان القابض والقابل واحداً فالحكم للمتقدم منهما؛ لأنه الذي حصل به الانعقاد، فإن رده انفسخ العقد، وإن أجازهما معاً نفذ وصح التصرف في الحال، وكذا إن أجاز الأول فقط وكان هو القبض، وإن كان الأول القبول نفذ لا التصرف في الحال.