(فصل): في أحكام الصدقة:
  يقبض، أو كان الأول القبض جاز له التصرف بعد، وإن أجازهما معاً صح له التصرف في الحال.
  فائدة: لا تغني التخلية هنا، بل لا بد من القبض المحقق، إلا أن يكون المتصدق عليه قد قبل باللفظ لغت(١) التخلية.
  تنبيه: لو جمع المتصدق بين لفظ الهبة والصدقة معاً عمل باللفظين معاً فيعمل بالهبة في نصف، ولا بد من القبول، وتتبع أحكام الهبة جميعها في نصف، وأحكام الصدقة في النصف الآخر، ويغني فيها القبض عن القبول.
  (و) الحكم الثاني: (عدم اقتضاء الثواب) الدنيوي من المتصدق عليه، وهو العوض لو ادعى المتصدق أنه أراد العوض لم يقبل قوله إلا بالبينة على ذلك إن أمكن البينة على إقرار المتصدق عليه، هذا ما لم يصرح به، فإن صرح به كـ: تصدقت عليك على كذا أو لكذا اقتضى ذلك، فإن حصل وإلا فلا صدقة، ومراد الإمام # أن الصدقة تخالف الهبة في هذا الحكم، والصحيح أن الصدقة والهبة في ذلك على سواء في عدم اقتضاء العوض لو ادعى الواهب ذلك لم يقبل قوله إلا ببينة، وتحفظ هنا قاعدة، وهو كل ما صح من التصرفات أن يجعل بعوض وبغير عوض لم يقبل قول المتصرف أنه أراده أو ذكره وقت التصرف إلا ببينة، كالهبة والصدقة والطلاق والعتاق، لا ما لا يقع إلا بعوض فالظاهر مع المدعي له ويقبل قوله، كالبيع ونحوه.
  تنبيه: قولنا: «لا يقتضى العوض في الصدقة والهبة» هو إذا لم يحصل ظن للمتهب والمتصدق عليه، لا إن حصل له ظن بإرادة ذلك من الواهب والمتصدق وجب عليه العوض، وفي الحديث عنه ÷: «من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه». والعوض [الذي] يكون له قيمة العين المتصدقة إن كانت قيمية ومثلها إن كانت مثلية إن حصل بينهما تشاجر، وإن لم يحصل تشاجر عوضت بحسب العرف من قليل أو كثير.
  والحكم الثالث: أن لا يحنث إن حلف: لا وهب فتصدق.
(١) في (ج): لغير.