(فصل): في أحكام الصدقة:
  (و) الحكم الرابع: (امتناع الرجوع فيها)(١) يعني: في الصدقة سواء كانت لرحم أو لا إذا وقع الرجوع بعد القبول أو القبض، لا قبل فله ذلك، بخلاف الهبة فله الرجوع - كما تقدم - مطلقاً ولو بعد القبض؛ لأن الصدقة مقتضية للثواب من الله سبحانه وتعالى فأشبهت الهبة إذا كانت لرحم.
  (ويكره) للمكلف (مخالفة التوريث) الشرعي بين ورثته (فيهما) يعني: في الصدقة والهبة، وكذا سائر التمليكات من نذر أو وصية أو غيرها، بل الأولى له إذا أراد أن يهب لأحد ورثته أن يجعل للآخر بقدر نصيبه من الإرث (غالباً) يحترز مما لو فضل بعض الورثة لأمر فيه موجب للتفضيل من علم أو عائلة أو زيادة بر به أو غير ذلك لم يكره تفضيله على سائر الورثة إلى قدر ثلث التركة فقط، لا ما زاد فيكره مطلقاً.
  فائدة: فيمن جعل لولده الكبير تمليكاً في بعض ماله على أن لا يقاسم أولاده الصغار بعد موته لم يمنع الكبير من المقاسمة ويرد ما كان(٢) قد ملكه أبوه لأجل ذلك؛ لأنه لم يملك إلا بذلك الشرط، ولم يحصل.
  (والجهاز) بفتح الجيم ما يجهز به الرجل قريبته من ولد أو غيرها لزواجة أو غيرها حكمه أنه باق (للمجهز) ولا تملك المجهز به (إلا لعرف) يقتضي تمليكها أو لفظ.
  واعلم أن المسألة على أطراف ثلاثة:
  الطرف الأول: أن يكون ثم لفظٌ يقتضي التمليك كـ: خذي هذا لك، أو قد ملكتك هذا، أو هو لك مريد الهبة، وقبلت، وإلا فقوله: «هو لكِ» إقرار، أو قرينةٌ تقتضي التمليك، كالقدوم من السفر أو نحو ذلك من القرائن، فبذلك اللفظ أو القرينة أو عرف بذلك يكون الجهاز للمجهز، ومن ذلك تقدم السؤال منها بقولها: «هب لي هذا» ولا بد أن يصدر منه إيجاب، كوهبت.
  الطرف الثاني: أن يكون ثم لفظ يقتضي العارية كـ: خذي هذا حتى أحتاجه أو نحو ذلك، أو عرف بعدم التمليك بمرة من تجهيز مثلها وارتجاعه، فبهذا لا يملك ويكون
(١) «فيها» ساقطة من المخطوطات.
(٢) لفظ هامش شرح الأزهار (٧/ ١٤٣): ويكون لهم الرجوع في التمليك.