(فصل): في أحكام الصدقة:
  عنه ويقبلها له ليكفنه بها أو نحو الكفن من المصالح من أجرة حفر أو قبر أو نحو ذلك؛ لأن الصرف في الحقيقة للمصلحة، وأما حيث يقبض له من الزكاة ونحوها لقضاء دين الميت لآدمي أو لله تعالى فلا بد أن يكون الميت مصرفاً للزكاة؛ إذ ليس مصلحة قضاء دينه بحيث يصرف فيه الزكاة من هذا القبيل، وإنما تصرف إليه من قبيل الفقر بشرط أن يكون غير هاشمي، فظهر لك فرق بين الأخذ للميت لتكفينه أو لقضاء دينه، فإن كان للتكفين فيصح ولو كان هاشمياً ولو زكاة نفسه، أعني: الميت، وحيث يكون لقضاء الدين فلا بد أن يكون غير هاشمي ومن زكاة غيره.
  (و) إذا اختلف الواهب والمتهب كان (القول للمتهب في) أمور:
  الأول: (نفي الفساد) لأن الأصل في العقود الصحة، ومثال التداعي في ذلك: أن يدعي الواهب أنه وهب وهو صغير ويطلق بحيث لا يذكر وقتاً، وهو حال التداعي معلوم بلوغه، فالقول للمتهب أن الهبة حصلت والواهب بالغ، والبينة على الواهب. وكذا لو ادعى الواهب أنه وهب وهو زائل العقل والظاهر أنه لا يصيبه الجنون في الأحوال كلها، وحال التداعي كذلك الظاهر من حاله الصحة، أو علم أنه يصيبه الجنون لكن الغالب عليه الصحة أو التبس الغالب أو استوت الحالة في الجنون والصحة - فالقول للمتهب في الصحة، والبينة على الواهب أن الهبة فاسدة لكونه وهب وهو صغير أو مجنون، وكذا لو التبس الغالب، ولا يعتبر بأصله على الجنون أو العقل بمعنى هل بلغ عاقلاً أو مجنوناً، بل المعتبر ما ذكرنا من كون الصحة هي الغالب أو مساوية ولو كان الأصل الجنون فالقول للمتهب (غالباً) يحترز مما لو ادعى الواهب الفساد لأجل الصغر وهو حال التداعي لم يعلم بلوغه فالأصل عدم البلوغ، وكذا لو أضاف إلى وقت متقدم وتصادقا عليه وهو لم يعلم بلوغه فيه، وكذا لو ادعى الفساد لأجل زوال العقل وهو ظاهر من حاله أو الغالب عليه فإنه يقبل قول الواهب في هذه الصور في فساد الهبة. ويأتي مثل هذا التفصيل في سائر العقود من البيع والإجارة والنكاح وغيرها سواء، فيكون القول لمنكر الفساد ما لم يكن الظاهر من حال مدعيه الجنون أو هو الغالب، وهذا هو الضابط.