تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل):

صفحة 171 - الجزء 5

  لورثته فبها فلا ينفذ الوقف.

  (و) أما الذي يشترط (في) الشيء (الموقوف) فهو: (صحة) يعني: إمكان وجواز (الانتفاع به مع بقاء عينه) فما لا يمكن الانتفاع به رأساً، أو أمكن لكن في وجه محظور كالأمة للوطء، أو أمكن في وجه حلال لكن مع إتلافه مرة واحدة كالدراهم والطعام للأكل - فهذه كلها لا يصح وقفها، وما اجتمعت⁣(⁣١) فيه الشروط صح وقفه، بأن أمكن الانتفاع به في الحال كالعبد الكبير أو في المستقبل كالعبد الطفل صح، وكان أيضاً الانتفاع به جائزاً، وهو لا يذهب بالانتفاع به مرة واحدة في وقت واحد كالثوب ونحوه فوقفه صحيح، وإن كان الانتفاع به يؤول إلى إتلافه لكن ليس في وقت واحد بل شيئاً فشيئاً فذلك لا يضر، وأما الدراهم والدنانير إذا وقفت للعيار أو للتجمل بها أو للحك فوقفها أيضاً صحيح، ومن ذلك وقف القطن والصوف فصحيح وإن لم يمكن الانتفاع به إلا بنسجه فالنسج ليس باستهلاك؛ لبقاء العين.

  فَرْعٌ: لو وقف الدراهم أو الدنانير أو الطعام للاستهلاك فحكمها أنها تكون في يد الموقوف عليه إباحة - يرجع بها الواقف مع البقاء لا مع التلف، ويجوز إتلافها - إن كان الواقف عالماً بعدم صحة وقفها، لا إن جهل بعدم الصحة كانت في يد الموقوف عليه غصباً في جميع وجوهه، والله أعلم.

  نعم، فمتى كملت شروط الموقوف صح الوقف (ولو) كان (مشاعاً) ذلك الموقوف؛ لفعل عثمان في بئر رومة، وفعل عمر وقف نصيبه في خيبر ولم يكن قد قسم، وأقرهما رسول الله ÷ على ذلك. وسواء كان المشاع مما يمكن قسمته - وهو ظاهر - أو لا كالمنزل الصغير ونحوه، وسواء كان الشياع أصلياً كأن يقف حصته دون شريكه أو وقف جميع المشترك ولم يجز الشريك، أو كان الشياع طارئاً كأن يقف جميع أرضه ويضيفه إلى بعد الموت ولا يجيز الورثة.


(١) في المخطوطات: جمعت.