(فصل): في بيان الأفعال التي يصير بها الملك وقفا وإن لم يلفظ صاحبها بالتسبيل:
  إلى حق عام للمسلمين، أما لو لم يفتح له باباً وقد جعله في ملكه أو فتح بابه إلى زقاق خاص بأهله لم يصح مسجداً ولو قد فعله في ملكه، ولا يؤمر بأن يشتري له طريقاً، بل تبقى العرصة مملوكة له. والمعتبر أن يفتح طريقه إلى ما الناس الذين(١) يجوز لهم دخول المسجد فيه على سواء وإن خرج غيرهم من ذلك الحق، كلو فتح بابه إلى عرصة ليس لمجذوم ولا لذمي(٢) فيها حق، بل هو ممنوع منها، كأن تكون نادياً للمسلمين فلا بأس بذلك وإن خرج عن ذلك الحق من لا يستحق دخول المسجد.
  فَرْعٌ: وأما مساجد الحصون فصحيحة وإن منع من دخولها فهو لأمر آخر، وهو الخشية من دخول ذلك الحصن(٣)، وسواء تقدمت على الحصون تلك المساجد أو تأخرت.
  مَسْألَة: من وقف مسجداً على أناس مخصوصين كالزيدية مثلاً فلا عبرة بتخصيصه ويجوز لغيرهم دخوله كالشافعي وغيره؛ لقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}[الجن ١٨] فيلغو التخصيص كالتوقيت(٤).
  الشرط الثالث: أن يكون البناء له (مع كونه) يعني: البناء (في ملك) للمسبل له ولو كان الملك مشاعاً كما تقدم أن وقف المشاع يصح، لكن لا يصلى فيه حتى يقسم (أو) يقع البناء في (مباح محض) لم يكن قد تعلق به حق لأحد بتحجر ولا غيره، ويملكه بما يملك به المحيا ويصير مسبلاً بعد ذلك، والترتيب ذهني، فالبناء في المباح على التحقيق أنه في ملك، والمسبل مالك. ويرد سؤال على جعل مسجد في الحرم؛ إذ لا يملك بالتحجر والإحياء(٥) أيضاً؟ لعله خاص بأن يجعل فيه مسجد، فيصح، والله أعلم، ولظاهر: «مسجدي مسجدي وإن مد إلى صنعاء» فظاهره صحة مد مسجد رسول الله ÷ في الحرم، وغيره مثله بالقياس، والله أعلم، (أو) يبني المسجد في
(١) في المخطوطات: الذي.
(٢) في (ج): «لذمي ولا لمجذوم».
(*) لا وجه لذكر الذمي بعد قوله في شرح «إلى ما الناس»: يعني المسلمين.
(٣) في هامش شرح الأزهار (٧/ ٢٢٤): وهو الخوف على الحصن.
(٤) وفي هامش شرح الأزهار (٧/ ٢٢٤): و é ما في البيان، وهو عدم صحة± التسبيل.
(٥) صوابه: إذ لا يملك بالإحياء؛ لأن التحجر لا يوجب الملك لا في الحرم ولا في غيره.