تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان الأفعال التي يصير بها الملك وقفا وإن لم يلفظ صاحبها بالتسبيل:

صفحة 204 - الجزء 5

  (حق عام) للمسلمين، لا الخاص كما تقدم. والحق العام نحو طريق أو سوق أو نحو ذلك مما الحق فيه لجميع المسلمين، فإنه يصح أن يعمر بعضه مسجداً بشرطين:

  الشرط الأول: أن يقع البناء للمسجد في ذلك الحق (بإذن الإمام) الأعظم أو الحاكم من جهته، فإن لم يكن في ذلك البلد إمام فمن صلح للإذن من محتسب في ذلك المحل تنفذ أوامره، وهو أولى من غيره ممن صلح للإذن، وإلا فمن صلح لذلك أذن للباني أن يبنيه، ولا يقال: هو غير مالك، وشرط الوقف الملك؛ إذ يحتمل أن بإذن من الإمام أو نحوه قد ملك، فهو مالك لما وقفه بذلك الاعتبار⁣(⁣١).

  (و) الشرط الثاني: أن (لا) يحصل (ضرر فيه) يعني: في الحق العام بذلك المسجد من نحو تضييق للطريق ونحوه، أما إذا كان مؤدياً للضرر فليس للإمام أن يأذن، وسواء كان الضرر سيحصل في الحال أو في المآل، فإن ظن عدم الإضرار بذلك فأذن الإمام فحصل ضرر في المستقبل بأن يكثر المارة في الطريق وذلك المسجد يضيق عليهم هدم المسجد؛ إذ الإذن الأول مشروط بعدم الضرر، وبحصول الضرر يتبين عدم الإذن أو عدم صحة الإذن.

  نعم، فإذا كان قد وقف عليه حال عدم حصول الضرر وهدم لذلك عاد الموقوف للواقف له ملكاً؛ إذ هو موقوف إن صح ذلك مسجداً، ولم يصح، فلم تكمل شروط المسجد، فتبين عدم صحة الوقف عليه.

  مَسْألَة: (و) إذا صار المسجد في قفر في بلد بحيث لا يصلي فيه أحد من المسلمين فإنها (لا تحول آلاته) وهي أحجاره وأخشابه وفراشه وغيرها (و) لا تحول أيضاً (أوقافه) من الأراضي الموقوفة عليه لعمارة أو لصلاح أو نحوها، فلا يجوز تحويل ذلك (بمصيره في قفر) لا يصلي فيه أحد ولو أيس من الصلاة فيه في المستقبل (ما بقي قراره) الذي يمكن أن يصلى فيه، ولو [ما يسع] واحداً، وهذا هو الفرق بين الدار الموقوفة والمسجد، وهو أن الدار إذا ذهب نفعها بهدمها أو بعدم إمكان السكون فيها


(١) في (أ): الاختيار.