(فصل): في أحكام المسجد إذا انهدم:
  قصد بالنحو معرفة الكتاب والسنة؛ إذ هو قربة، وكذا أيضاً لو لم يقصد ذلك بل معرفة ذلك لنفسه - أعني: ذاته - فهو أيضاً معدود من جملة علوم الاجتهاد وإن قصد معرفته لذاته، فيجوز التسريج لذلك وإن لم يكن ثم مصل (ولو) كانت تلك الكتب المنسوخة على سراج المسجد (للناسخ) لا للوقف على المسلمين فاختصاصه بها لا يمنع من [جواز] نسخها على سراج المسجد ولو قصد النساخ(١) له فقط؛ إذ ذلك النسخ قربة لذاته، بل ولو نسخها للبيع أيضاً أو كان مؤجراً على نسخها فذلك لا يمنع من إحداث سراج له؛ إذ ذلك النسخ طاعة لذاته.
  و (لا) يجوز تسريجه (لـ) ـفعل (مباح) ككتابة الأشعار والخياطة واصطناع البياض وتعلم المساحة والعلم(٢) والهندسة والطب والحساب والرمل، إلا أن يقصد بذلك وجه قربة، كالتوصل بعلم المساحة إلى معرفة علم الفرائض أو زيادة التحقيق في ذلك، وهكذا أيضاً غيره إذا توصل به إلى وجه قربة، وإن لم يتوصل به إلى قربة لم يجز كالخياطة ونحوها لم يجز إحداث السراج لأجل ذلك فقط، فإن فعل السراج للمصلين لا لذلك الوجه فإنه يجوز لمن جاز له الوقوف في المسجد أن يفعل تلك الأمور، كالأكل على السراج والخياطة ونحوها تبعاً لطاعةٍ من الانتظار للصلاة ونحوه، كالمعتكف والمستمع للقراءة والمضطر، فيجوز فعل المباحات تبعاً لذلك، ومن جملة المباحات النوم، لا من لا يباح له الوقوف في المسجد فلا يجوز [له] فعل شيء من المباحات ولو المقصود بالسراج غيرها.
  فائدة: ويجوز للمتدرسين الأكل في منازلهم والتسريج من سقاء المسجد بإذن المتولي، وكذا يجوز إيقاد النار فيه إذا كان ذلك لحاجة المصلين أو لترغيبهم كلدفع البرد ولو سود بياض المسجد، وهذا داخل في عموم قول الإمام #: «وفعل ما يدعو إليه»، والله أعلم.
(١) في المخطوطات: السراج. ولعل ما أثبتناه الصواب.
(٢) هكذا في المخطوطات.